فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٦
دماء فقال له الفضل ان السلب لي فخذه لك فقد وهبتك إياه فقال لا أعدمنا الله مكاركم يا بني هاشم وعطف على لوص فقتله وقتل كل أمير بطريقا غيره وحملت المسلمون حملة رجل واحد فبددوا شملهم فولوا منهزمين بين أيديهم واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون وينهبون إلى أن وصلوا إلى البحر اليوسفي وألقوهم في مكان قريب من شاقولة فسميت القرية بذلك وتحصنت جماعة بقلعة المرج فأحاط بها المسلمون وحرقوا الأبواب وهدموا الجدران وأستخرجوا ما هناك وقتلوا من الروم مقتلة غظيمة نحوا من ثلاثة آلاف وأسروا نحوا من ألف وقتل من المسلمين ثمانية وأربعون رجلا من أعيانهم سيف الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين ودفن هو وأصحابه بمكان الوقعة وكان زياد بن المغيرة وجماعته نزولا في أماكنهم قريبا من طنبدا كما ذكرنا حول البلد المعروف بدهروط وكان زياد صديقا للأمير أبا سليمان بن خالد بن الوليد فكتب كتابا للأمير خالد بن الوليد يعزيه في ولده أبا سليمان ويقول * يا خالد ان هذا الدهر فجعنا * في سيد كان يوم الحرب مقداما * مجندل الفرس في الهيجا إذا اجتمعت * وللصناديد يوم الحرب خصاما * لا يملك الضد من أبطالنا أملا * ان حاز ساعده القصاص صمصاما * يا طول ما هزم الاعدا بصارمه * أنالهم منه تنكيسا وارغاما * كأنه الليث وسط الغاب إذ وردت * له العدا وعلى الأشبال قد حامى * يا عين جودي بفيض الدمع منك دما * بل واندبي فارسا قد كان ضرغاما * والسيد الفرد عبد الله قد حكمت * به المنايا وحكم الله قد داما * نحم الفتى العلم المقداد خير فتى * قد كان في ملتقى الأعداء هجاما * قال الواقدي فلما وصل الكتاب إلى خالد بن الوليد كان قريبا من الدير ببقية الجيش وهو ينفذ السرايا وأهل البلاد يأتونه بما صالحوه عليه من المال وغيره وقد جهز عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن نافع الفهري والزبير رضي الله عنهم بألف فارس إلى الفيوم وسيأتي ذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى فلما ورد الكتاب على خالد سقط إلى الأرض وخر مغشيا عليه ثم أفاق واسترجع وقال لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون ثم قال اللهم أني احتسبت أبا سليمان إليك اللهم اجعله فرطا وذخرا وأعقبني عليه صبرا وأعظم لي بذلك أجرا ولا تحرمني الثواب برحمتك يا أرحم الراحمين ثم قال والله لآخذن فيه ألف سيد من ساداتهم ولأقطعن ساداتهم وفرسانهم وانني أرجو أن آخذ بثأره إن شاء الله تعالى ولأقتلن البطليوس شر قتلة لعلي أشفي بذلك غليل صدري وحرارة كبدي وليكونن على يدي خراب دياره وانهزام جيوشه وزوال ملكه
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»