فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٢
وكان أكثر المسلمين قد أثخن بالجراح واشتد الكفار هذا والمسلمون قد انتدبوا أبطالا وجعلوها خلف ظهورهم وقاتلوهم قتالا عظيما هذا وأعداء الله قد أحاطوا بهم وحجزوا بينهم وبين البلد وقاتل أبا سليمان وأصحابه قتالا شديدا ووطنوا أنفسهم على الموت وشجع بعضهم بعضا وصار أبا سليمان بن خالد يقول الله الله الجنة تحت ظلال السيوف والموعد عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم وقاتل قتالا شديدا حتى أثخن بالجراح وقتل من المسلمين نحو مائتين وعشرين قريبا من التل الذي هو غرب البلد المذكور وما قتل الواحد منهم حتى قتل من أعداء الله خلقا كثيرا قال الواقدي ولما رأى المسلمون وسليمان بن خالد ما حل بأصحابه صار تارة يكر في الميسرة وتارة يكر في الميمنة وأعانه بالحملة عبد الله بن المقداد وبقية الصحابة وتقدم أبا سليمان بن خالد وطعن بطريق اسنا طعنة صادقة فأرداه عن جواده وغاص في القلب قال حدثنا أوس بن شداد عن علقمة بن سنان عن زيد بن رافع قال كنت في الخيل صحبة أبا سليمان بن خالد وقد حجزنا المشركين وتقهقروا من بين أيدينا ولم نشعر أن لهم كمينا إذ خرج الكمين علينا وقاتلناهم قتال الموت وقتل منهم جماعة نحو ألفي فارس وقتل أبا سليمان بن خالد من الصناديد والبطارقة من خيارهم نحو ثلاثين فارسا وكذلك عبد الله بن المقداد فأحاط بسليمان بن خالد رضي الله عنه كردوس نحو الفي فارس وعقروا جواده من تحته فضرب بالسيف فيهم حتى قطعت يده اليمنى فتناول السيف بيده اليسرى فضرب بها حتى قطعت فأحاطوا به فلما تيقن بالقتل التفلت وقال يعز عليك يا خالد بن الوليد ما حل بولدك هذا في رضا الله عز وجل وكان قد طعن في صدره نحو عشرين طعنة حتى قل حيله وسقط إلى الأرض ثم تنفس وقال الساعة نلقي الأحبة ولما رآه عبد الله بن المقداد على ذلك المصرع صاح لا حياة بعدك يا أبا محمد والملتقى في جنات عدن ثم غاص يقاتل فأحاطوا به واشتبكت عليه الأسنة وضرب ضربات كثيرة في وجهه وهو يقطع الرماح ويمسح الدم عن وجهه حتى سقط به الجواد وصاح واشوقاه إليك يا مقداد ثم تبسم وقال مرحبا ثم مات وأيقنا كلنا بالموت وان القيامة هناك وإذا بغبرة قد لاحت وانكشفت عن رايات اسلامية وعصائب محمدية وفي أوائل القوم القعقاع بن عمرو التميمي والمسيب بن نجيبة الفزاري وسمرة بن جندب والفضل بن العباس وزياد بن أبي سفيان وبنو هاشم وبنو عبد المطلب وسادات الأوس والخزرج وغانم بن عياض الأشعري ومن معه من الامراء والسادات فلم يمهلوهم دون أن حملوا عليهم حملة رجل واحد حتى أجلوهم وقتل البطريق
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»