فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٧
بارد وأنا أخاف الهلاك من شدة برد بلادهم قال فسمعني رجل من أهل البلد فأراد أن يقرب إلي لاداعبه فقال لي يا أخا العرب ان كنت تجد البرد من العنب فاشرب من مائه قال سبيع ثم إنه دلنا على دن كبير فيه خمر فشربت أنا وجماعة من عرب اليمن فسكرنا فجعلنا نتمايل سكرا فأخبر بذلك عمرو ابن العاص فكتب إلى أبي عبيدة يعلمه بذلك فكتب اليه أبو عبيدة أما بعد فمن شربها فحده عليها وأقم حدود الله كما أمر ولا تخش لومة لائم فلما وصل الكتاب إلى عمرو دعا بسبيع ابن ضمرة وأصحابه فجلدهم بالسياط قال سبيع فلما ضربني عمرو وأوجعني قلت والله لأقتلن العلج الذي دلنا على الخمر حتى شربناها وأكلنا الحد فأخذت سيفي ودخلت القرية أطلب العلج فلما رأيته ووقعت عيني عليه أردت قتله فولى هاربا فتبعته وهو يقول ما ذنبي عندك فقلت أنت دللتني على ما يغضب الله حتى أكلت الضرب فقال والله ما علمت أنه محرم عليكم قال فناداني عبادة بن الصامت وقال يا سبيع إياك أن تقتله فإنه تحت الذمة قال فتركته ومضى العلج وأتى إلي بتين وجوز وزبيب وقال كل هذا بذاك فإنه يدفئك قال فأكلته فوجدته طيبا فقلت لحاك الله أين هذا كان قبل أن أضرب بالسياط قال الواقدي ثم إن عمرا ارتحل فنزل بموضع يقال له محل وبلغ الخبر فلسطين بن هرقل وكان قد أتاه المنهزمون من عسكر أبيه ولجئوا اليه واكتمل جيشه في ثمانين ألف ثم إنه دعا برجل من المتنصرة وقال له امض واحزر لي عسكر العرب واكشف لي أخبارهم فوصل إليهم لجأ إلى قوم من اليمن وهم يصطلون حول النار فجلس بينهم يسمع حديثهم فلما أراد القيام عثر في ذيله فقال باسم الصليب كلمة أجراها الله على لسانه فلما سمعوا قوله علموا أنه متنصر جاسوس للروم فوثبوا اليه وقتلوه ووقع الصائح في العسكر فسمع عمرو الضجة فقال ما الخبر قيل إن قوما من اليمن وقعوا بجاسوس من الروم فقتلوه قال فغضب عمرو وطلبهم وقال ما حملكم على قتل الجاسوس وهلا أتيتموني به لأستخبره فكم من عين تكون علينا ثم إنها ترجع فتصير لنا لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء ثم إنه نادى في جيشه من وقع بغريب أو جاسوس فليات به إلي قال وان فلسطين استبطأ الجاسوس فعلم بقتله فأرسل غيره فأشرف على القوم من فوق شرف عال وحزرهم وعاد اليه فأخبره أنهم في خمسة آلاف الا انهم كالأسود الضارية أو كالعقبان الكاسرة يرون الموت مغنما والحياة مغرما فلما سمع ذلك قال وحق المسيح والقربان لا بد من قتالهم فأما أن
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»