فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
القوم هممهم فإذا بهم قد أتوا محدقين بضرار وهو متألم من كتافه وهو ينشد ويقول * ألا بلغا قومي وخولة أنني * أسير رهين موثق اليد بالقيد * وحولي علوج الروم من كل كافر * وأصبحت معهم لا أعيد ولا أبدي * فلو أنني فوق المحجل راكبا * وقائم حد الغضب قد ملكت يدي * لأذللت جمع الروم اذلال نقمة * وأسقيتهم وسط الوغى أعظم الكد * فيا قلب مت هما وحزنا وحسرة * ويا دمع عيني كن معينا على خدي * فلو أن أقوامي وخولة عندنا وألزم ما كنا عليه من العهد * كبابي جوادي فانتبذت على الوغى * وأصبحت بالمقدور ولم أبلغن قصدي * قال الراوي فنادته خولة من مكمنها قد أجاب الله دعاك وقبل تضرعك ونجواك أنا خولة ثم كبرت وحملت وكبر رافع والمسيب قال جبير بن سالم وكنا إذا كبرنا تصهل الخيل الهاما من الله تعالى فما كان أكثر من ساعة حتى قتلناهم عن آخرهم وخلص الله ضرار وأصحابه وأخذنا خيل القوم وأسلابهم وسلاحهم وكانت أول غنيمة قال الراوي ولما تخلص ضرار وأصحابه ركب جواده عريانا وأخذ قناة كانت مطروحة وحمل على القوم وهو يقول * لك الحمد يا مولاي في كل ساعة * مفرج أحزاني وهمي وكربتي * فقد نلت ما أرجوه من كل راحة * وجمعت شملي ثم أبرأت علتي * سافني كلاب الروم في كل معرك * وذلك والرحمن أكبر همتي * فيا ويل كلب الروم ان ظفرت يدي * به سوف أصليه الحسام بنقمتي * وأتركهم قتلى جميعا على الثرى * كما رمة في الأرض من عظم ضربتي * قال الراوي فلما فرغ ضرار من شعره إذا بالخيل قد أقبلت منهزمة وكان السبب في ذلك أنه لما حملت الروم على الفضل بن عباس صاح هو وجرت الدماء واسودت السماء وحمى الوطيس وقل الأنيس وهمهمت الابطال وقوي القتال وعظم النزال ودارت رحى الحرب واشتد الطعن والضرب وجالت الرجال واشتد القتال وضربت الأعناق وسالت الأحداق وعظمت الأمور وغابت البدور وكان المسلمون لا يظهرون فيهم لكثرتهم ولا يعرف بعضهم بعضا الا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وقد صبر الفضل صبر الكرام فلله در الفضل لقد اصطلى الحرب بنفسه فكان تارة يقلب الميمنة على الميسرة وتارة يقلب الميسرة على
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»