ثلاثين حملة يقتل في كل حملة فارسا ولم أر فارسا مثل الحرث الكندي فإنه كان يحمل في المواكب فيقصم عروقها وأرسل الكتاب الثاني والخمس مع سعد قال ووصل المنهزمون من الفرس إلى المدائن ودخلوا الإيوان وحدثوا كسرى بما جرى وبقتل رستم وولده فاغتم لذلك وأيقن أن دولة الفرس قد انقرضت وانصرمت فاحتجب ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع مات لأنه حمل الهم على قلبه فقام بعده ولده يزدجرد ولم يكن له غيره قال حدثنا عبد الله بن مروان قال حدثنا نعيم عن جده وكان أحفظ الناس للفتوح قال لما وجه كسرى بن أزدشير رستم إلى قتال سعد أنفذ معه نصف بيت ماله وهي ستمائة ألف ألف إلى المصف فلما صفت الصفوف وضعها أمام الجيش وقال كل من قتل فارسا كان له كذا وكذا ومن قتل راجلا فله كذا وكذا فصار ذلك كله إلى المسلمين فأرسل الخمس مع سعد وهو مال كثير لا يحصى عدده لكثرته فلما وصل المال لعمر بن الخطاب بكى وقال أف لمن يغتر بالدنيا أو يميل إليها ثم قرأ قل متاع الدنيا قليل والآخرة لمن اتقى فوالله لم يلتمس منه قليلا ولا كثيرا ولا درهما ولا دينارا فقالت له حفصة يا أمير المؤمنين لو رفقت بنفسك وأكلت طعاما أطيب من طعامك ولبست ثوبا أمير من ثوبك فقد فتحت لك الفتوح وأتت الأموال فتمعر وجهه غضبا وقال لها ناشدتك الله أخبريني عن أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت مال المسلمين قالت ثوبان كان يلبسهما يوم الوفد ويخطب فيهما يوم الجمعة والعيدين فقال أي طعام كان يأكل عندكن قالت خبز الشعير وكان عندنا في أسفل عكة دسم فان تظاهر طعمه فيها يقول قد زدتن في الدسم قال فأي بساط كان يبسطه عندكن قالت كان لنا كساء نجعله في الصيف تحتنا وفي الشتاء نفرش نصفه ونلتحف بنصفه فقال يا حفصة ان مثلي ومثل صاحبي كثلاثة نفر تتابعوا طريقا فمضى الأول وقد زاد فبلغ ثم تبعه الثاني فسلك طريقه فمضى اليه ثم تبعهما الثالث فان لزم طريقهما ورضى بزادهما وان سلك غير طريقهما لم يجتمع معهما أبدا ذكر فتح نهمشير قال الواقدي وان عمر رضي الله عنه بعث إلى سعد بأن يمضي إلى المدائن وأن يخلف النساء والأولاد في الحيرة وعندهم من الجند جماعة ويجعل لهم شركة في كل مغنم وكان مقام سعد بعد الفتح بالقادسية شهرين فلما استهل الشهر الثالث أنفذ على مقدمته زهرة بن جويرية وأتبعه بعبد الله وشرحبيل بن الشمطاء وأتبعهما بهاشم بن عتبة وخالد بن عرفجة صاحب
(١٩٤)