فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٨٨
قال وان المسلمين جمعوا الأموال واحتوى سعد على قصر الخورنق والسدير وترك جميع ما أخذه بالحيرة وترك عنده سالم بن نعيم بن مسروق وترك عنده مائة من أبناء المهاجرين والأنصار قال وأما من انهزم من جموع النعمان بن المنذر فوردوا على القادسية وعليها جنود الفرس مع رستم زاده بن اسفنديار ومعه شهريار بن كنار والهذيل بن جشوم وحشرسوم الهمذاني والجناتيوس بن فتاك وشماهير بن حسوسا قال فلما رأوا المنهزمين من جيش النعمان ملك العرب سألوهم عن أمرهم فأخبروهم بقتل النعمان وأخذ الحيرة وقصر الخورنق والسدير وجميع ما فيها قال فوقع التشويش في عسكر الفرس وتمكن الخوف من قلوبهم وكثرت الأراجيف وأما رستم فإنه جمع الملوك والاساورة وملوك الديلم في خيمته وقام على سريره خطيبا فقال اعلموا أن الدولة بالسياسة والناموس بالرياسة وكأنكم بالعرب وقد أشرفوا عليكم فأخرجوا واذهبوا إليهم واركبوا فخرجوا من عنده وأخذوا أهبة الحرب فبينما هم كذلك إذ بعسكر سعد قد أشرف عليهم وهم على الخيل المضمرة العربية وعليها الفرسان الاسلامية والطائفة المحمدية فرتبوا الصفوف وجعل رستم ملوك الفرس عن يمينه وملوك الديلم عن يساره ووقف رستم في القلب ودارت به الأساورة فبينما هم كذلك إذ بعث الأمير سعد رسولا إلى رستم وكان الرسول أبا موسى الأشعري فقصد القلب فلما رآه الحجاب أتوا اليه والترجمان معهم فقالوا له يا عربي ما الذي تريد قال أنا رسول من عند صاحب الجيش فبلغوا رستم ما قاله أبو موسى الأشعري فقال قولوا له مالك وصول إلى المقدم ولكن أفصح لنا عما تريد حتى نأتيك بجوابه قال فبلغه الترجمان ما قاله فقال أبو موسى قل له ندعوكم إلى الشهادة فان أبيتم الاسلام فأدوا الجزية فان أبيتم فالسيف أصدق شاهد وقد قال الله في كتابه العزيز وكان حقا علينا نصر المؤمنين فبلغهم الترجمان ذلك ورجع أبو موسى إلى سعد فلما جن الليل هرب من عسكر رستم جماعة والتجئوا إلى عسكر المسلمين فلما أصبح رستم بلغه أن جماعة من عسكره هربوا إلى عسكر المسلمين فبعث رسولا إلى سعد يطلب منه أن يرد عليه الذي هرب من الأساورة والمرازبة فقال سعد أنا قوم لا نضيع ذمامنا ولا ننقض عهدنا وقد أتوا الينا مستسلمين وفي صحبتنا راغبين فيجب علينا أن نذب عنهم ولا نمكن أحدا منهم فعاد الرسول إلى رستم وأعاد عليه الجواب فغضب وأمر الجيوش بالزحف قال وكان الذي هرب إلى جيش سعد شاور بن سليم ونسليك بن أكتم وضرار بن مكتال ومن تبعهم فلما رأوا العساكر قد أقبلت تريد
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»