قد نزلوا بالقرب منه فحدث سعدا بما جرى له مع النعمان بن المنذر وما كان من جوابه وجعل الأمير سعد بن أبي وقاص ينشد * ساحمل فيهم حملة عربية * ولا أنثني والله عنهم بعسكري * فاما نرى النعمان في القيد موثقا * واما طريحا في الدماء المعفر * ثم أمر الناس بالرحيل فرحلوا وساروا إلى أن أشرفوا على جيش النعمان قال فلما رأوا جيوش سعد أمر الناس بالركوب فتبادرت العرب إلى خيولهم فركبتها وجنبت الجنائب وضربت الكاسات وتبادرت الابطال ونشرت الاعلام فلما وصل سعد رضي الله عنه ولقي القوم قد أخذوا أهبتهم رتب جيشه وصفهم وألفهم وجعل في الميمنة سعد بن عبيد القارئ وفي الميسرة سعد العشيرة وفي الجناح الأيمن سعد بن نجيبة وعلى الجناح الأيسر سعد بن الاقيس الهلالي وأقام الأمير سعد في القلب ومعه أبو محجن الثقي وزهرة بن جويرية وشرحبيل بن كعب قال الواقدي حدثنا أحمد بن عامر قال أخبرنا علي بن مسهر عن أبان عن الحسن قال لما استوت الصفوف وترتبت كل قبيلة جعل الأمير سعد يتخلل الصفوف ويعظ من فيها من عرب بجيلة وطيء وبني هلال والنخع وغيرهم ويقول هذا يوم لا نرى بعده مثله أما بلغكم ما فعل اخوانكم بالشام لما تكاثرت عليهم جموع اللئام فاستيقظ المسلمون بقول سعد وقالوا نحن نحمل عليهم بشدة العزائم ولعل الله أن ينصرنا عليهم فصاحوا بخيولهم فخرجت كالرياح العواصف ولم يزالوا في القتال الشديد إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد ثبتت أصحاب النعمان بن المنذر للضرب والطعان قال الواقدي وان القعقاع بن عمرو التميمي أو بشر بن ربيعة التميمي أحدهما التقى مع النعمان في كبكبة من الخيل والازدهارات على رأسه فحمل القعقاع أو بشر على الكبكبة ففرقها وعلى الكتيبة فمزقها ورمى النعمان بطعنة في صدره فاطلع السنان يلمع من ظهره فلما نظرت جيوش الحيرة إلى الملك النعمان مجندلا ولوا الادبار يريدون القادسية نحو جيش الفرس وغنم المسلمون رحالهم وأموالهم وباتوا فرحين وافتقدوا من قتل من المسلمين فكانوا خمسمائة وثلاثين غالبهم من أهل نخع وقد ختم الله لهم بالشهادة وفي ذلك قالت خزانة بنت خالد بن جعفر بن قرط ترثي من قتل من المسلمين * فيا عين جودي بالدموع السواجم * فقد شرعت فينا سيوف الأعاجم * فكم من حسام في الحروب وذابل * وطرف كميت اللون صافي الدعائم * حزنا على سعد وعمرو ومالك * وسعد مبيد الجيش مثل الغمائم * هم فتية غر الوجوه أعزة * ليوث لدى الهيجاء شعث الجماجم *
(١٨٧)