ذكر فتوح العراق قال حدثنا عبد الله بن محمد قال أخبرنا عبد الله بن جابر قال الواقدي أخبرني من أثق به قال لما وجه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعد بن أبي وقاص بالجيوش إلى العراق لم يزل سائرا حتى قدم أرض الرحبة واتصلت الأخبار باليعمور بن ميسرة العبسي وكان يومئذ ملك العرب بعد أياس بن قبيصة النعمان بن المنذر الملك من قبل كسرى بن أزدشير فكتبا يعلمانه أن جيوش المسلمين قد أقبلت من المدينة وقد وجهها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليك وقد عول على أخذ العراق فاستيقظ أيها الملك من غفلتك وانظر في مصالح دولتك واعلم أن هذا الزمان هو الذي كنا نسمع به ولا نصدق ونكذب به ولا نحقق ولا نظن أن أحدا يجسر علينا ولا يصل بجيشه الينا حتى جاء الوقت المقدور وولى المدينة عمر وهو صاحب الفتوح ومصبح الملوك بشر صبوح فقم على قدم الهمم وسر إلى أعدائك وتقدم وقد أعلمناك لتكون على بصيرة من الامر وإياك أن تهمل الامر فرب صغير أمر عاد كبيرا ويسير عاد عسيرا والحرب أوله شرر وآخره نار تسعر والسلام قال وبعثا الكتاب مع نجاب فلما وصل به إلى كسرى وقرئ عليه انتفض لذلك واهتز على سريره وأحضر الأساورة والموابذة والديلم والسهارجة وقرأ عليهم كتاب الملوك وقال لهم ما ترون في هذا الامر الذي قد وقفنا عليه وأشرفنا من زماننا عليه واعلموا أن هؤلاء العرب قد أخرجهم الجدب والجهد فهم ينظرون لهم مواضع يسكنون إليها وينزلون فيها وقد أذاقوا الروم شرا وأنزلوا بهم ضرا وملكوا المدائن واحتووا على الخزائن وكانت الروم قد اجتمعوا عن بكرة أبيهم وما كان منهم أحد الا أتى الشام وتلاقوا في الحرب بمكان يقال له اليرموك وهذه شرذمة من العرب قد سرحوا بلادكم وقد عولوا على أن ينزعوا الملك من أيديكم ولا ينفعكم لا أن تكشفوا عن ساق العزم وتتشحوا بوشاح الحزم وتذبوا عن أهليكم وأموالكم وأولادكم وحريمكم وبلادكم واعلموا أن العرب لهم الطمع وقد دخل في قلوبهم أن يملكوا بلادكم وحصونكم متى رأوكم ناكلين عن قتالهم فشلين عن نوالهم مالوا عليكم ميلة الأسود على فرائسها فاحسموا موادهم من أول يوم وقد قيل في الأمثال من نظر في العواقب أمن غائلة النوائب ثم إنه فتح خزائن الأموال والخلع وخلع على الهرمزان وقدمه على خمسين ألفا وخلع على عطارد بن مهرود وقدمه على عشرين ألفا وخلع على قارين بن همام وقدمه على عشرين ألفا وأمرهم أن يضربوا خيامهم بأرض زوندان
(١٨٤)