فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
قبلكم واتبعوا سنن الذين فتحوا الشام من قبلكم فمن ولى الادبار كان مأواه النار وغضب عليه الجبار واعلموا ان الله فرض عليكم الجهاد وقتل الأعداء واعلموا أن الأحب إلى الله تعالى جل جلاله قطرتان قطرة دم جرت في سبيل الله وقطرة دمع جرت من خشية الله وهذا اليوم له من الاجر ما لا يعد فاتقوا الله عباد الله واثبتوا في هذه المواطن كما ثبتم في المواطن الكبار وإياكم والفشل فتذهب ريحكم وقوموا شريعة نبيكم واعلموا أن الله مع الصابرين ولا يضيع أجر المحسنين وها أنا أنفرد بجماعة من اخوانكم إلى صليب القوم ولست براجع الا بحطم من حوله من الكفرة والمشركين قال جل ذكره وكان حقا علينا نصر المؤمنين فإذا رأيتم صليب القوم قد هوى إلى الأرض فاحملوا ولا تمهلوا قال فلما وعظهم خالد رتب كل صاحب راية في موضعه وانتخب من انتخب من أبطال المسلمين وقال للناس إذا رأيتم الصليب قد وقع فاحملوا والله ينصركم وحمل هو ومن معه وقصدوا لواء شهرياض وصليبه الأعظم فما ردهم عن حملتهم كثرة العساكر قال الواقدي ولقد بلغني ممن أثق به انهم لما حملوا طحطحوا العساكر وزعزعوا الدساكر وأزالوا الابطال عن مراكزها والبطاركة عن مراتبها وما اعتمدوا الا على السيوف واستقبلوا بها الصفوف فلما رأى شهرياض فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى التاج عن رأسه وزعق بالبطارقة والاراجية والقياصرة وقال يا معشر الروم من بني الأصفر اعلموا انه ما بين ذهاب دولتكم الا هذا اليوم فاما أن تقاتلوا عن دينكم وحريمكم وملككم وذراريكم وأولادكم والا أخذت منكم فإياكم أن تولوا الأدبار فمن تولى غضب عليه المسيح وأدخله النار قال الراوي وبلغني أنه في ذلك اليوم وصل إليهم بتركهم الكبير المشار اليه في دينهم ومعه كل قس وشماس ورهبان بأرض الجزيرة جاء ليحرض الروم على القتال وكان هذا البترك اسمه دين الدويرم وكان يسكن بدير يقال له دير قرقوت وانهم وصلوا قبل ان يحمل المسلمون فوعظهم بين الصفوف وقال من انهزم منكم حرمته فلا يقبله المسيح أبدا ثم انفصل من القوم هو ومن معه وعلوا على رابية تشرف على القوم ورفعوا الصلبان وفتحوا الأناجيل وأشركوا بالملك الجليل قال الواقدي حدثنا عبد الله بن مالك عن موسى بن أبي العام عن الأشعب عن يحيى قال وحدثنا بشر بن عامر وكان ممن حضر وقعة مرج رغبان وكانت الواقعة يوم الثلاثاء ثالث شهر صفر سنة سبع عشرة وكان شهرياض قد أرسل إلى رأس العين وسائر بلاده فأتوا بحريمه وحريم سائر الأجناد
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»