فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
دار الآخرة وقالت لا بد من الرحيل لأن البقاء في الدنيا قليل فتزودوا معاشر الأرواح فقد قرب الرواح والقصد منكم قد عرفناه ومرادكم قد فهمناه وان سفركم سفر شاق يحتاج إلى زاد ورفاق قالوا فما الزاد الذي نكثر منه ولا نعدل عنه قيل لهم الزاد الأقوى في وتزودوا فان خير الزاد التقوى قالوا أما هذا الزاد فمنا من يقدر عليه وما منا من لم يقدر عليه قيل إياكم والتعرض لهذا السفر بغير أعمال واعملوا ليوم لا بيع فيه ولا خلال فلما تزودوا أخلصوا ومن جيفة الدنيا تخلصوا خلع عليهم خلع الانعام وتوجهم بتاج العز والاكرام وجعل لهم الفردوس منزلا وقال في حقهم كانت لهم جنات الفردوس نزلا واسمعوا ما قال فيهم الملك المقتدر فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر قال فعندها حملوا بأسرار صافية وهمم وافية وطعنوا في صدرو الرجال ورفرفت على رؤوسهم طيور الآجال ووضعوا السيف في الروم وجعلوه عليهم يوما مشئوما قال ولم يزل القتال بينهم بقية يومهم إلى الليل وانفصلوا عن القتال ورجع المسلمون وهم متأسفون على أسر خالد ومن معه فإنهم لما وقعوا في الأسر وانفصل الناس من القتال وجن الليل ارسلهم الملك شهرياض إلى رأس العين مع حاجبه نقيطا بن عبدوس ومعه ألف فارس وأمره أن يسير بهم في الليل ويجد بهم في السير وأن يسلمهم إلى والي راس العين قال فسار بهم ولم يطلع الفجر الا وقد وصل بهم إلى رأس العين وأرسل من يعلم الوالي بالقصة فخرج في موكبه للقائهم ووضع الصايح في رأس العين بقدومهم فما تخلف أحد وكان لهم يوم مشهود فألقاهم الوالي في الكنيسة العظمى التي هي جامع اليوم وأوثقوهم في الحديد قال حدثنا فاهم اليشكري عن بشار بن عدي عن سراقة بن زهير عن خزيمة بن عازم عن جده عبد الله بن عامر قال إنه لما فتح الرها وحران وسروج صلحا اجتمع يوقنا برودس ومعه أصحابه فقال اعلموا أن الله سبحانه وتعالى قد فتح علينا هذه البلاد وان رأس العين مدينة عظيمة وأهلها قد استعدوا للقتال وآلة الحصار وربما صعب أمرها وعسر فتحها على المسلمين واني معول أن أهب نفسي لله وأسير مع أصحابي فلعلي أن أحصل في داخل المدينة ولعل الله أن يفتحها على يدي فقال له سعيد بن زيد قوى الله وسدد أمرك قال وعول على المسير في تلك الليلة وإذا بعيون المسلمين قد أقبلت إلى حران يخبرون أنه قد أتى عاصم بن رواحة المتنصر في خمسمائة فارس من قومه من اياد الشمطاء وكان قد وصل مع قومه إلى قسطنطينية وقد ورد على الملك هرقل كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يبعدهم عن دياره فأبعدهم عن أرضه فتفرقوا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»