فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
وصلوا إلى السور تلقاهم طالوت صاحب الحصن وأنزلهم وأكرمهم وأمر لهم بالطعام وأقاموا عنده ثلاثة أيام حتى جاء يرغون وكان من أمره ما كان فلما سمعوهم يكبرون قالوا هؤلاء قد دخلوا في ديننا وقد وجب علينا نصرتهم فخرجوا كما ذكرنا وحملوا على أعداء الله ونصروا يرغون ومن معه وانهزموا في الليل إلى مرج رغبان إلى الملك شهرياض فأخبروه بما جرى عليهم قال فأيقن بذهاب ملكه قال فلما أصبح يرغون أتى إلى الصحابة وشكر الله إذ نجاه ومن معه على أيديهم وقد ازدادوا ايمانا وحدث الصحابة بما كان من أمرهم وسار معهم إلى عياض بن غنم فلما جازوا على ماردين نزل إليهم ميتا وكان قد بلغه ما جرى فسلم عليهم وهناهم بالسلامة وقال ليرغون وأصحابه ان كنتم تريدون الثواب الجزيل من الملك الجليل فتمموا اسلامكم بما ألقيه عليكم فقال يرغون وكيف العلم قال ميتا انزل ههنا أنت ومن معك فإذا غربت الشمس فسيروا على بركة الله وعونه واقصدوا كفرتوتا فإذا جئتم إليهم ليلا فقولوا لأهلها نحن قد وجهنا الملك إليكم لحفظ المدينة فإذا صرتم داخلها فثوروا على اسم الله وبركة نبيه قال ففعل ذلك يرغون وجلس إلى أن جن الليل وارتحل بجيشه وثقله وودعوا الصحابة وساروا بالميرة وسار يرغون إلى أن وصل إلى كفرتوتا وكان آخر الليل والفجر بدر فلما وصل إليها أمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بذكر شعارهم حتى لا ينكر عليهم القوم وجاءت الأثقال والبغال وسمع أهل كفرتوتا ضجة العسكر فأشرفوا عليهم من أعلى السور وسألوهم من أنتم قالوا نحن من عسكر الملك شهرياض وقد بعثنا لنكون عونا لكم قال الواقدي وأعجب ما في هذه القصة أن الملك شهرياض قد بعث إليهم يعرفهم أني مرسل إليكم جيشا مع الحاجب فإذا وصلوا إليكم فافتحوا لهم الباب فان العرب في آثارهم قال فلما وصل إليهم يرغون ومن معه وقالوا لهم نحن من عسكر الملك فتحوا لهم ودخلوا ولم يتكلم حتى أنه نزل في دار الامارة فلما استقر به الجلوس وثق من الأبواب وصعد إلى السور وقال لأهل البلد استريحوا لان الملك قد وصاني بالحرس على البلد فقالوا أيها السيد ان كتاب الملك قد جاءنا بغير ما قلته بأن لا يتولى حفظ البلد الا الحاجب قال فلما سمع يرغون قولهم علم أن الملك يريد أن يرسل لهم جيشا فقال لهم انصرفوا إلى منازلكم وإياكم أن يظهر منكم أحد في الليل فاني ان وقعت بأحد منكم قتلته قال فانصرفوا ولم يبق عنده سوى الوالي الذي كان من قبل توتا هو وغلمانه فقبض عليهم يرغون وضرب رقابهم وتركهم في بعض الأبراج المهجورة وقال لأصحابه كونوا على حذر فان شهرياض يريد أن يرسل
(١٣٥)
مفاتيح البحث: عياض بن غنم (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»