* (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * وبيده لواء الحمد وبين يديه جنائب السعد وعن يمينه الأنبياء وعن يساره الأولياء والملائكة وقوف بين يده وأهل الموقف ينظرون اليه وأمته يصلون عليه وقد تهللت وجوههم فرحا وقد أسبل عليه الاسلام سرباله وأوصل بهم حباله قد نادوا بهم بالتمجيد وازعجوا الموقف بالتوحيد وقد أضاء نور ايمانهم وعرضوا على ديانهم واستشهدهم على الأمم فشهدوا فقبلت شهادتهم وغيبت عنهم نجوم الافلاس وأمنوا من الهول والباس ونادى مناديهم كنتم خير أمة أخرجت للناس وأهل الموقف ينظرون إلى جمالهم ويتعجبون من هيبة جلالهم ويقولون لقد فاز من اتبع ملتهم وصدق شريعتهم قال مالك يوم الدين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين فإذا ورد مقامه أطال فيه هناك قيامه وبسط كف ابتهاله وبالغ في طلبه وسؤاله ويقول أسألك قبول شفاعتي في العصاة من أمتي وإذا بالنداء وعزتي وجلالي لا أخلف لك وعدا ولا أنقض لك عهدا ولأرين أهل الموقف علو شانك ورفيع مكانك ولأعطينك حتى ترضى ولسوف يعطيك ربك فترضى قال فازداد عاصم ايمانا فلما كان وقت السحر وثبت الصحابة على اقدام الحزم والعزم وخرجوا على أهل المدينة فاستعانوا بالله وقالوا اللهم انصرنا كنصر نبيك يوم الأحزاب وقال خالد إياكم أن تفترقوا فتذهب ريحكم وأتقوا الله الذي اليه مصيركم واعلموا أن الأعداء يجتمعون عليكم والنساء يرجمنكم والشباب يقاتلونكم وإياكم أن تطمعوا أحدا في بحار الحرب بل اصبروا على مر الكرب والضرب وانما يتبين صبر الرجال عند ملاقاة الأهوال وما نحن ممن يفزع بهجوم الآجال لأنا قد تحققنا أن لكل منا أجلا لا يتعداه ومن خاطر بعظيم نال عظيما وهذه اسمها عظيم والجمع فيها أعظم وهي قصور ديار بكر وربيعة وقد حصلنا في وسط مدينة القوم فان كنتم طالبين الظفر فاصبروا ولا تعجلوا فالصبر مقرون بالظفر والعجلة مقرونة بالزلل والصبر عاقبته النصر واعلموا أن هذه البيعة هي بيعتهم المعظمة ولا بد لهم من القدوم إلى الصلاة فإذا حصل واليهم ههنا ومقدم عساكرهم أطبقنا عليهم من كل جانب وقصمناهم بالقواضب فإنه إذا قتلت الملوك وعظماء البطارقة فما يجسر بعدهم أحد أن يرفع يده وأما العوام فلا اعتبار بهم فقال عاصم بن رواحة لله درك أيها الأمير ما أخبرك بالأمور والحرب ولقد تكلمت بالصواب وأحسنت في الخطاب فليقر كل واحد منكم في مكانه وأخفوا سلاحكم في أعيابكم فإذا اشتغل القوم في صلاتهم ثرنا عليهم ومددنا أيدينا إليهم فاستصوبوا رأيه قال وكانت
(١٤٩)