والثقة بكل أحد عجز فقال والله لقد صدقت في قولك فنزل ببني عمه الخمسمائة في حران وانما قال يوقنا ذلك ودبره ليكونوا على سبيل الرهائن قال فكتفوا يوقنا والأربعين من بني عمه وتزيا الصحابة بزي اياد الشمطاء وخرجوا من حران في الليل وطلبوا راس العين فلما وصلوا إلى مكان يعرف بعلوا إذا بقرع حوافر الخيل فأخفوا أمرهم حتى وصلوا إليهم وإذا هم بأربعمائة عبد أسود وخمسين وهم يقرءون القرآن وبعضهم يسبح فاستقبلهم سعيد بن زيد ومن معه وكبرونا مثل تكبيرهم وقربوا منهم فإذا هم موالي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقدم عليهم دامس أبو الهول رحمة الله تعالى وكان السبب في قدومهم أنه لما بعث عياض بن غنم كتابا إلى أبي عبيدة يستنجده على القوم ويعلمه بمن قد اجتمع من الكفار بمرج رغبان فلما قرأ الكتاب أرسل دامسا ومن معه لنصرة الاسلام وكانوا بسميساط وبلادها ومنذ فتحوها استمروا بها حتى جاءهم كتاب أبي عبيدة فترك دامس على سميساط وبلادها من يثق به وجاء في العدة التي ذكرناها فلما لقيهم سعيد بن زيد سلم بعضهم على بعض وفرحوا باجتماع الشمل ونظر دامس إلى الجمال وعليها يوقنا وأصحابه فقال أظفرتم بهؤلاء في طريقكم فقال هذا يوقنا عبد الله وأصحابه قد باعوا نفوسهم لله قال فلما سمع أبو الهول كلام سعيد سجد لله على قربوس فرسه وأتى إلى عبد الله يوقنا وسلم عليه فقال له مرحبا بقوم طلقوا الدنيا بتاتا وزهدا وطلبوا مرضاة الله 8 ثم إنه قال لسعيد بن زيد يا صاحب رسول الله أشركونا معكم في هذه الحيلة قال نعم ولكن اسحبوا هذه الجمال وأخفوا الدروع والعدد واحتزموا فوقها وسوقوا الجمال أمامكم كأنكم عبيدنا فإنه لا ينكر عليكم من رآكم قال ففعلوا كما أمرهم سعيد وأخفوا سلاحهم في وسط الجمال وأقبلوا على سوقها فلما وصلوا إلى الزليخة نزلوا هناك ولبسوا وتدرعوا ونشرت الأعلام والصلبان التي كانت مع اياد الشمطاء وداروا بيوقنا وأصحابه وجعلوهم بينهم وساروا حتى قربوا من رأس العين فبعث سعيد رجلا من حلفائهم إلى والي رأس العين يبشره بقدوم عاصم بن رواحة واياد الشمطاء فلما وصل اليه الرسول خرج بالمواكب إلى لقائهم وقد اعلمه الرسول بقدوم يوقنا أسيرا ومعه أربعون من أصحابه فصاح الصائح بذلك فما بقي أحد الا وخرج أمام الوالي والتقوا بالصحابة وهم بزي أصحاب اياد الشمطاء وقد داروا بعاصم بن رواحة وكان الوالي يحبه ويعرفه فترجل اليه وترجل عاصم وتعانقوا وأقبلت المواكب يسلم بعضها على بعض فقال الوالي كيف أخذت هؤلاء وهذا المارق يعني يوقنا فقال
(١٤٣)