فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
قائمة وسلمت عليه وصقعت له وكانت قد أبعدت الحرس عنها والغلمان والحجاب حتى لا يطلع أحد على سرها قال ثم إنها تحققت أنه ابن عمها فاستحيت منه ووجلت فلم يمكنها الا أن تخدمه بأعظم خدمة فقال لها يا طاريون أظننت أني لا أقف على سرك ولا أبحث عن أمرك يا ويحك أي مناسبة بين الروم والأرمن حتى انك ملت إلى ابن ملك السناسنة وتركت مثلي ثم إنه مال عليها بشدته وقبض عليها وألقمها أكرة وكتفها وخرج بها إلى عسكره فوجد أصحابه قد لبسوا وركبوا ورموا المضارب وشالوا ثقلهم فلما وصل إليهم حملها على بغل وساروا ونظر أصحاب سوسي إلى رحيل يرغون فقال لهم أمهلوا أنتم بالرحيل إلى أن يطلع الفجر فان هذا طريق ضيق تزدحم فيه الخيل والبغال قال ففعلوا ذلك وجد يرغون في السير فما أصبح الا وهو على مرج السور فنزل هناك وأما الغلام سوسي فإنه لم يمض إلى الجارية ولا سأل عنها ولا سار إليها لأنه خاف أن يكون ذلك منها مكرا به فتقبض عليه فلما أصبح أمر غلمانه بالرحيل وركب وأتى إلى سرادق الجارية طاريون فوجد قومها ينتظرون خروجها من سرادقها فدخل عليها خادمها وخرج وقال لهم ان الملكة ما كان من أمرها ولا سبب لغيبتها قال فماج أصحابه وأرادوا الرجوع فقال لهم صاحبها ان عدنا إلى الملك فلا نأمن أن يرمي رقابنا ويقول كيف غفلتم حتى أخذت ابنتي من بينكم وما عندكم خبر وما أخذ الملكة الا يرغون ابن عمها لان في قلبه شيئا ثم إنهم ركبوا وجدوا في طلبه قال وان يرغون لما نزل في مرج السور واستراح وهم بالمسير إذا بالقوم قد أشرفوا عليه وهم يزعقون يا ويلك اترك الملكة من يدك قبل حلول منيتك فاستقبلهم هو ومن معه من بني عمه وأقاربه فعندها قال لبني عمه اعلموا أن العرب ما نصروا على أعدائهم الا بالصدق في دينهم وقتالهم عن دين الله واعلموا أن هؤلاء القوم الذين طلبناهم لا يبخلون لا سيما إذا علموا اننا قصدناهم وأردناهم من غير قهر لكن من طريق العقل أن دينهم أفضل من ديننا لأنهم يشيرون إلى الله بالوحدانية ونحن نسجد للصلبان والصور ونقول أن للخالق زوجة وولدا وهو واحد أحد فرد صمد وقد بلغني أنهم يقولون إنه من قتل منهم صار إلى الجنة ومن قتل منا صار إلى النار لأننا عندهم من الكفار فان كنتم تريدون النصر على أعدائكم فأقروا الله بالوحدانية وقولو لا إله إلا الله محمد رسول الله قال فأعلنوا بكلمة التوحيد فدوت من أصواتهم بالجبال والتلال والرمال والشجر والحجر فلما سمع أعداء الله ما نطقوا به علموا أنهم دخلوا في دين الاسلام فتقدم سوسي وقد داروا بيرغون وأصحابه وقالوا له يا ويلك يارغون أما
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»