فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ١٤٦
المدينة بهزيمة الجيش وقتل الملك شهرياض فعظم عليهم وكبر لديهم واستوثق الوالي مرسيوس من المدينة والأسوار وعول على أنه في غداة غد يضرب رقاب المأسورين وكان من عادة الروم إذا قتل منهم ملك يقتلون عليه مائة أسير من أعدائهم فلما كان الغد ركب عدو الله مرسيوس الوالي وسط المدينة وأمر أن يؤتى بالأسرى وهم خالد ومن معه ليضرب رقابهم فأرادوا أن يأتوا بهم وإذا بعياض قد صبحهم صباحا فاشغلهم عن ذلك ونزل على باب اسطاحون وهو الباب الشرقي وكان قد ضرب على الباب المذكور قبة من الديباج برسم عدو الله مرسيوس والى جانب القبة منجنيق عظيم يتعلق في حباله مائة رجل وكان صاحبه ابن عم الملك وكان اسمه مترقيس بن اشفكياص وكان أبوه هو الملك قبل شهرياض وهو صاحب الدنانير الاشفكياصية قال وانما تقدم عياض بالمسلمين للقتال حتى يشغل أعداء الله عن خالد ومن معه بالمدينة فصاروا يرمون بمجانيقهم وسهامهم وكان قد وصل مع عياض غلام من أهل المدينة اسمه جميل بن سعد الداري وكان أرمى خلق الله بالنبل وكان قد وصلت له أم عجوز فلما كان ذلك قال يا أماه أريد أن أجاهد هذا اليوم في الله حق جهاده فلعلي أن ألحق باخواني وجدي الذين قتلوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فودعها وسار فقالت يا بني سر والله ينصرك ويؤيدك قال ثم إنه تقدم ووقف وهو يتستر وكان قد شاع ذكره بين العرب وأنه كان ينظر إلى الطائر في الجو فيقول انني قد عولت أن أضرب هذا الطائر في موضع كذا فيضربه فيقع الطائر والضربة في المكان الذي ذكره فلما كان يوم قتال عين وردة تقدم وجعل يضرب البطارقة من أعلى السور فلا يقع سهمه الا في فؤاد أو في حدقة حتى قتل ثلاثين بطريقا منهم من وقع إلى المدينة ومنهم من وقع إلى الخندق قال وكشف برج الباب قال وكان عدو الله مترقيس المتقدم ذكره صاحب المنجنيق ارمى خلق الله فجعل يعبر ويرمي فقال الناس لجميل بن سعد أيها الغلام أبعد لئلا يصل إليك حجر المنجنيق فأنا نخاف عليك منه فقال يا قوم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في كتاب الله العزيزم * (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) * ولا بد أن أثبت لهم ثم إنه رمى رجلا من الذين يجرون الحبال فقتله وثانيا وثالثا فقتلهما قال فهربت البطارقة عن الحبال وقالوا لا طاقة لنا بالوقوف في هذا المكان من هذا الغلام فقال مرسيوس البسوا الدروع واستتروا ففعلوا وقعدوا في الحبال ورمى بحجر فوقع في رجل من بجيلة فقتله ولم يزل حتى قتل ستة رجال قال وان جميل بن
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»