فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٣٧
وجمعنا بعد الشتات على كلمة التقوى وألف بين قلوبنا ونصرنا على عدونا ومكن لنا في بلاده وجعلنا اخوانا متحابين فاحمدوا الله عباد الله على هذه النعمة السابغة والمنن الظاهرة فان الله يزيد المستزيدين الراغبين فيما لديه ويتم نعمته على الشاكرين ثم يأخذ الجفنة فيملؤها سويقا ويصف التمر حولها ويقرب للمسلمين ويقول كلوا هنيئا مريئا فياكل ويأكل المسلمون معه ثم يرحل فلم يزل كذلك في مسيره قال عمرو بن مالك العبسي كنت مع عمر بن الخطاب حين سار إلى الشام فمر على ماء لجذام وعليه طائفة منهم نزول والماء يدعى ذات المنار فنزل بالمسلمين عليه فبينما هو كذلك وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله إذ أقبل اليه قوم من جذام فقالوا يا أمير المؤمنين ان عندنا رجلا له أمرأتان وهما أختان لأب وأم قال فغضب عمر وقال علي به فاتى بالرجل اليه فقال له عمر ما هاتان المرأتان قال الرجل زوجتاي قال فهل بينهما قرابة قال نعم هما أختان قال عمر فما دينك ألست مسلما قال بلى قال عمر وما علمت أن هذا حرام عليك والله يقول في كتابه وأن تجمعوا بين الأختين الا ما قد سلف فقال الرجل ما علمت وما هما علي حرام فغضب عمر وقال كذبت والله انه لحرام عليك ولتخلين سبيل إحداهما والا ضربت عنقك قال الرجل افتحكم علي قال أي والله الذي لا إله إلا هو فقال الرجل ان هذادين ما أصبنا فيه خيرا ولقد كنت غنيا عن أن أدخل فيه قال عمر ادن مني فدنا منه فخفق رأسه بالدرة خفقتين وقال له اتتشاءم بالاسلام يا عدو الله وعدو نفسه وهو الدين الذي ارتضاه الله لملائكته ورسله وخيرته من خلقه خل يا ويلك سبيل أحداهما وإلا جلدتك جلدة المفثري فقال الرجل كيف اصنع بهما وأني أحبهما ولكن اقرع بينهما فمن خرجت القرعة عليها كنت لها وهي لي وإن كنت لهما جميعا محبا فأمر عمر فاقترع فوقعت القرعة على إحداهما فأمسكها وأطلق سبيل الثانية ثم أقبل عليه عمر وقال له اسمع يا ذا الرجل وع ما أقول لك أنه من دخل في ديننا ثم رجع عنه قتلناه فإياك أن تفارق الاسلام وإياك يبلغني أن قد أصبت أخت امرأتك التي فارقتها فإنك ان فعلت ذلك رجمتك قال الواقدي وسار عمر حتى مر على حي من بني مرة فإذا بقوم منهم قد أقاموا في الشمس يعذبون فقال لهم عمر ما بال هؤلاء يعذبون فقيل عليهم خراج فهم يعذبون قال فما يقولون قال يقولون ما نجد نؤدي فقال عمر دعوهم ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تعذبوا الناس في الدنيا يعذبكم الله يوم القيامة فخلى سبيلهم ثم سار حتى إذا كان بواد القرى أخبروه أن شيخا على الماء وله صديق يوده فقال له صديقه هل لك أن تجعل لي في زوجتك نصيبا وأكفيك رعي أبلك والقيام عليها ولي فيها يوم وليلة ولك فيها يوم وليلة قال له الشيخ قد فعلت ذلك ورضي فلما أخبر عمر بذلك أمر بهما فأحضرا فقال ويلكما ما دينكما قالا الاسلام قال عمر فما الذي بلغني عنكما قالا وما هو فأخبرهما
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»