والبطريق نقيطاس صاحب عمان في الهرب وكان قد سبق فوقف حتى تلاحق به المنهزمون من قومه قال فبينما هم كذلك إذ أشرف عليهم خيل من ورائهم تسرع بركابها وقد أطلقوا الأعنة وقوموا الأسنة وهم زهاء من ألف فارس يقدمهم فارسان كأنهما أسدان أحدهما الزبير بن العوام والآخر الفضل بن العباس فحملوا على الروم فقتلوهم قتلا ذريعا وحمل الزبير بن العوام على نقيطاس بطريق عمان وهو واقف تحت الصليب فطعنه الزبير فقلبه عن جواده وعجل الله بروحه إلى النار وأقبل الفضل بن العباس يجندل الفرسان وينكس الابطال قال وأشرف سعيد بن عامر على الموضع فرأى الحرب قائمة فظن أنه وقع بينهم الخلف فلما قربوا منهم سمعوا التهليل والتكبير فقالوا هذه دعوة الحق لمن قالها فاقتحم سعيد ابن عامر المعركة فسمع الفضل بن العباس وهو ينتمي باسمه ويقول أنا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سعيد بن عامر فوالله ما أنفلت من القوم أحد فقلت له لله درك يا ابن العباس ومن معك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال معي الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سعيد بن عامر فوالله ما انفلت من القوم أحد الا بين أسير وقتيل وغنم المسلمون غنيمة عظيمة وسلم بعضهم على بعض وأقبل الزبير على سعيد بن عامر وقال يا ابن عامر ما الذي حبسك عن المسير جهتنا وقد جاءنا سالم بن نوفل العدوي وأخبرنا بمسيرك الينا وقد ساءت بك ظنوننا فأرسلنا أبو عبيدة لنغير على عمان والحمد لله على سلامة المسلمين ودمار المشركين ثم أمر الزبير برؤوس القتلى فسلخت وحملتها العرب على أسنة الرماح فكانت الرؤوس أربعة آلاف رأس والاسرى ألف أسير قال وأطلق سعيد بن عامر الرهبان وسار المسلمون حتى أشرفوا على أبي عبيدة رضي الله عنه ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير وأجابهم حيش المسلمين بمثل ذلك فانزعجت قلوب الروم لذلك ونظروا إلى ثمانية آلاف فارس والرؤوس معهم على الأسنة فبهتوا لذلك وحدث سعيد بن عامر أبا عبيدة بالنصر وغنيمتهم من الروم فسجد شكرا لله عز وجل وأمر بالألف أسير فضربت أعناقهم والروم ينظرون إليهم قال قطبة بن سويد وأخبرت الروم أنه لم ينج أحد من جيش عمان قال الواقدي لما أسر الخمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتم لفقدهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أكثرهم غما أبو عبيدة بن الجراح وأقبل على البكاء والتضرع يدعو لمن أسر بالخلاص وأما الخمسة فإنهم مثلو بين يدي ماهان لعنه الله تعالى وغضب عليه فلما نظر إليهم استحقر شأنهم وقال لجبلة بن الأيهم من هؤلاء قال أيها الملك هؤلاء قوم من جيش المسلمين وقد كانوا ستين رجلا فقتلت أكثرهم وأسرت هؤلاء وما بقي في عسكرهم من تخاف غائلته الأرجل واحد وهو الذي يثبتهم ويرمي بهم كل المرامي وهو الذي فتح أركة وتدمر وحوران وبصرى ودمشق وهو الذي كسر عساكر أجنادين وتبع توما وهربيس وقتلهم في مرج الديباج وأسر ابنة
(١٨٤)