فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٧٦
بالتهليل والتكبير كل ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله والعرب المتنصرة منهزمة على أعقابهم كأنما صاح بهم صائح من السماء فبدد شملهم وأقبل خالد بن الوليد من وسط المعمعة يلتهب بما لحقه من التعب وكذا أصحابه الذين كانوا معه قال وان خالد بن الوليد افتقد أصحابه الستين رجلا فلم يجد منهم الا عشرين فجعل يلطم على وجهه وهو يقول أهلكت المسلمين يا ابن الوليد فما عذرك غدا عند الرحمن وعند الأمير عمر بن الخطاب رضي الله عنه فبينما هو متحير في ذلك إذ أقبل عليه الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه وفرسان المسلمين وأبطال الموحدين فنظر أبو عبيدة رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد وما يصنع بنفسه وقد اشتغل عن متابعة المشركين فقال أبو عبيدة يا أبا سليمان الحمد لله على نصر المسلمين ودمار المشركين فقال خالد بن الوليد اعلم أيها الأمير ان الله قد هزم الجيش ولكن أعقبتك الفرحة ترحة فقال أبو عبيدة رضي الله عنه وكيف ذلك فقال خالد أيها الأمير فقدت أربعين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم الفضل بن العباس وجعل خالد بن الوليد رضي الله عنه يسمي فرسان المسلمين واحدا بعد واحد حتى سمى أربعين رجلا فاسترجع أبو عبيدة رضي الله عنه وقال لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وقال لخالد لا بد لعجبك يهلك المسلمون فقال سلامة بن الأحوص السلمي أيها الأمير دونك والمعركة فاطلب فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فان رأيتموهم والا فالقوم أسرى أو قد تبعوا المشركين فأمر أبو عبيدة فأتوا بهوادى النيران وكان الظلام قد اعتكر فافتقدوا المعركة بين القتلى فإذا قتل من العرب المتنصرة خمسة آلاف فارس وسيدان من ساداتهم وهما رفاعة بن مطعم الغساني والآخر شداد بن الأوس ووجدوا من قتل المسلمين عشرة رجال منهم اثنان من الأنصار أحدهما عامر الأوسي والآخر سلمة الخزرجي فقال أبو عبيدة رضي الله عنه يوشك أن بعض الصحابة قد تبع المشركين فقال أبو عبيدة رضي الله عنه اللهم ائتنا بالفرج القريب ولا تفجعنا بابن عمة نبيك الزبير بن العوام ولا بابن عمه الفضل ابن العباس ثم قال أبو عبيدة معاشر المسلمين من يقفو لنا أثر القوم ويتعرف خبر الصحابة واجره على الله عز وجل فكان أول من أجابه خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال له الأمير أبو عبيدة لا تفعل يا أبا سليمان لأنك تعبت من شدة الحرب فقال خالد والله لا يمضي في طلبهم غيري ثم غير جواده بفرس من خيول المسلمين وهو فرس حازم بن جبير بن عدي من بني النجار فركبه خالد ابن الوليد رضي الله عنه وطلب آثار القوم وتبعه جماعة من المسلمين فما سار خالد بعيدا حتى سمع خالد التهليل والتكبير فأجابهم بمثله فأقبل القوم وفي أوائلهم الزبير بن العوام والفضل ابن العباس وهاشم والمرقال فلما نظر خالد إليهم فرح فرحا شديدا ورحب بهم وسلم عليهم وقال خالد بن الوليد رضي الله عنه للفضل بن العباس يا ابن عم
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»