* نرجو بذاك الفوز والنجاحا * إذا بذلنا دونه أرواحا * ويرزق الله لنا صلاحا * في نصرنا الغدو والرواحا * قال الواقدي وأنشد بيتا آخر لم أدر ما هو وخرج أمام المسلمين وأصحابه يقدمون اليه واحدا بعد واحد حتى اجتمع اليه الستون رجلا الذين انتخبهم وكان آخر من أقبل عليه الزبير بن العوام رضي الله عنه ومعه زوجته أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وهي سائرة إلى جانب أيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي تدعو لهم بالسلامة والنصر وتقول لأخيها يا أخي لا تفارق ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقت الحملة اصنع كما يصنع ولا تأخذكم في الله لومة لائم قال وودع المسلمون الستين أصحابهم وساروا بأجمعهم وخالد بن الوليد رضي الله عنه في أوساطهم كأنه أسد قد احتوشته الأسود ولم يزالوا حتى وقفوا بإزاء العرب المتنصرة قال الواقدي ونظرت العرب المتنصرة إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقبلوا نحوهم وهم نفر يسير فظنوا أنهم رسل يطلبون الصلح والمواعدة فصاح جبلة بالعرب المتنصرة وحرضهم ليرهب المسلمين ونادى يا آل غسان أسرعوا إلى نصرة الصليب وقاتلوا من كفر به فبادروا بالإجابة وأخذوا الأهبة للحرب ورفعوا الصليب واصطفوا للقتال وقد طلعت الشمس على لامة الحرب فلمع شعاعها على الحديد والزرد والبيض كأنها شعل نار ووقفوا يبصرون ما يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قاربوا صلبان العرب المتنصرة ونادى خالد بن الوليد رضي الله عنه يا عبدة الصلبان ويا أعداء الرحمن هلموا إلى الحرب والطعان فلما سمع جبلة كلام خالد رضي الله عنه علم أنهم ما خرجوا رسلا وانما خرجوا للقتال فخرج جبلة من بين أصحابه وقد اشتمل بلامة حربه وهو يقول * انا لمن عبدوا الصليب ومن به * نسطو على من عابنا بفعالنا * ولقد علونا بالمسيح وأمه * والحرب تعلم أنها ميراثنا * انا خرجنا والصليب أمامنا * حتى تبددكم سيوف رجالنا * ثم قال جبلة من الصائح بنا والمستنهض لنا في قتالنا فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه أنا فأخرج إلى حومة الحرب فقال جبلة نحن قد رتبنا أمورنا لحربكم وقتالكم وأنتم تتربصون عن قتالنا فوحق المسيح لا أجبناكم إلى الصلح أبدا فارجعوا إلى قومكم وأخبروهم اننا ما نريد الا القتال قال فأظهر خالد التعجب من قوله وقال له يا جبلة أتظن أننا خرجنا رسلا إليك فقال جبلة أجل فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه لا تظن ذلك أبدا فوالله ما خرجنا الا لحربكم وقتالكم فان قلتم اننا شرذمة فان الله ينصرنا عليكم فقال جبلة يا فتى قد غررت بنفسك وبقومك إذ خرجت إلى قتالنا ونحن سادات غسان ولخم وجذام فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه لا تظن ذلك واننا قليلون فقتالكم رجل منا لألف منكم وتخلف منا رجال أشهى إليهم الحرب من العطشان إلى
(١٧٤)