آخر الناس احرسهم وانا أتلوا القرآن العظيم وأدعو الله لنا بالسلامة إذ غلبتني عيني فنمت فرأيت في منامي كأني في جنة خضراء كثيرة الأشجار والثمار وكأني آكل من ثمرها وأشرب من أنهارها وأجني من ثمرها وأناول أصحابي وهم يأكلون وأنا فرح مسرور فبينما أنا كذلك إذ خرج من بين تلك الشجر أسد عظيم فزأر في وجهي وهم أن يفترسني وأنا من ذلك فزع مرعوب إذ خرج على الأسد أسدان عظيمان فصرعاه في موضعه فسمعت له خوارا عظيما فانتبهت من نومي وحلاوة ذلك الثمر في فمي الأسود تتمثل بين يدي قال سعيد بن عامر ففسرتها أنها غنيمة يأخذها المسلمون ويمنعنا منها مانع ونظفر به فقلت في نفسي الجنة هي الشهادة قال سعيد بن عامر ولم أزل جالسا أتلو القرآن وأنا قلق إذ سمعت هاتفا يهتف بي عن يمين الوادي وهو يقول * يا عصبة الهادي إلى الرشاد * لا تفزعوا من وعر هذا الوادي * ما فيه من جن ولا معادي * ستعلمون معشر العباد * لطف الذي يرفق بالأولاد * ويطرح الرحمة في الأكباد * سيصنع الله بكم رشاد * وتغنموا المال مع الأولاد * قال سعيد بن عامر فلما سمعت شعر الهاتف وما يشير به من الغنيمة سجدت لله تعالى شكرا واستيقظ المسلمون لصوت الهاتف قال سعيد بن عامر وكنت قد حفظت من الهاتف بيتا وحفظ سماح ثلاثة أبيات وأنشدني إياها وفرح المسلمون بما سمعوا من الهاتف وطابت قلوبهم بالغنيمة وأقام المسلمون في الوادي حتى أصبح الصباح وصلى بهم سعيد بن عامر صلاة الفجر فلما طلعت الشمس خرج المسلمون من الوادي وحققت تلك الأرض والجبل وإذا به جبل الرقيم فلما رأيته عرفته فرفعت صوتي بالتكبير وقلت الله أكبر وكبرت المسلمون لتكبيري وقالوا ما الذي رأيت يا ابن عامر فقلت وصلنا إلى بلاد الشام وهذا جبل الرقيم قال سعيد وأكثر من معي طماعو العرب قالوا يا سعيد وما الرقيم أما تعرفه فحدثتهم بحديث الرقيم قال سعيد فعجبوا من ذلك ثم أقبلت بهم إلى الغار فصلوا فيه ثم سرنا حتى أشرفنا على بلاد عمان قال سعيد بن عامر فعدلت إلى قرية هناك يقال لها الجنان فنظرت إلى دهاقين القرية وهم خارجون منها ومعهم الأهل والأولاد فلما رآهم المسلمون حملوا عليهم من غير اذن لهم وأخذوا بعضهم أسارى فرجع القوم إلى القرية وكان فيها حصن منيع فتحصنوا فيها منا قال سعيد بن عامر فقربت من الحصن وصحت بهم وقلت يا ويلكم ما بالكم كنتم خارجين من قريتكم فرجعتم فأشرف علي واحد منهم وقال لي يا معاشر العرب أعلموا أننا كنا خارجين من المدينة ففزعنا منكم وذلك أن صاحب عمان بعث الينا وأمرنا بالمسير إلى عمان لنكون من تحت كنفه في عمان والآن يا معاشر العرب هل لكم أن نكون في ذمامكم وأمانكم
(١٨٢)