عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٩٩
(ولا غرو في ابنا حليقة أنني * بصدق الولا في قبضة الرق موثق) (لوالدهم عندي أياد قديمة * فشكري لهم طول الزمان محقق) (وكل ففي العلياء سام وسيما * لمن قال لي إذ جد فيه التشوق) (وإني امرؤ أحببتكم لمحاسن * سمعت بها والأذن كالعين تعشق) (فلا برحوا في نعمة وسلامة * مؤبدة ما دامت الدوح تورق) ولم يزل مهذب الدين أبو سعيد محمد ملازما للاشتغال محمود السيرة في الأقوال والأفعال وقرأ على أبيه الصناعة الطبية وحرر أقسامها الكلية والجزئية وحصل معانيها العلمية والعملية وخدم السلطان الملك الظاهر بيبرس الملكي الصالحي بصناعة الطب وله منه غاية الاحترام وأوفر الإنعام والمنزلة الجميلة والعطايا الجزيلة ولمهذب الدين المذكور إخوان أحدهما موفق الدين أبو الخير متميز في صناعة الكحل غزير العلم والفضل وكان قد صنف للملك الصالح نجم الدين كتابا في الكحل من قبل أن يصير له من العمر عشرون سنة والأخ الآخر علم الدين أبو نصر وهو الأصغر مفرط الذكاء معدود من جملة العلماء متميز في صناعة الطب وافر العلم واللب ولمهذب الدين محمد بن أبي حليقة من الكتب كتاب في الطب رشيد الدين أبو سعيد هو الحكيم الأجل العالم أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب من نصارى القدس وكان متميزا في صناعة الطب خبيرا بعلمها وعملها حاد الذهن بليغ اللسان حسن اللفظ واشتغل في العربية على شيخنا تقي الدين خزعل بن عسكر بن خليل وكان هذا الشيخ في علم النحو أوحد زمانه ثم اشتغل الحكيم رشيد الدين أبو سعيد بعد ذلك بعلم الطب على عمي الحكيم رشيد الدين علي بن خليفة لما كان في خدمة السلطان الملك المعظم وقرأ عليه ولم يكن في تلامذته مثله فإنه لازمه حق الملازمة وكان لا يفارقه في سفره وحضره وأقام عنده بدمشق وهو دائم الاشتغال عليه إلى أن أتقن حفظ جميع ما ينبغي أن يحفظ من الكتب التي هي مبادي لصناعة الطب ثم قرأ عليه كثيرا من كتب جالينوس وغيرها وفهم ذلك فهما لا مزيد عليه واشتغل أيضا على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي ولما كان في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة قررت له جامكية في خدمة الملك الكامل وبقي في خدمته زمانا مقيما بالقاهرة ثم خدم بعد ذلك الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل وبقي في خدمته نحو تسع سنين وكان قد عرض للملك الصالح نجم الدين وهو بدمشق أكلة في فخذه وكان يعالجه الحكيم رشيد الدين أبو حليقة ولما طال الأمر بالملك الصالح استحضر أبا سعيد وشكا حاله إليه وكان بين الحكيم رشيد الدين أبي حليقة وبين رشيد الدين أبي سعيد منافسة ومناقشة وتكلم أبو سعيد في أن
(٥٩٩)
مفاتيح البحث: دمشق (2)، الطب، الطبابة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»