عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٦٠٠
معالجة أبي حليقة لم تكن على الصواب فنظر الملك الصالح إلى أبي حليقة نظر غضب فقام من بين يديه وقعد على باب دار السلطان وبقي أبو سعيد فيما هو فيه من المناواة في المداواة ثم في أثناء ذلك المجلس بعينه قدام السلطان عرض لأبي سعيد فالج وبقي ملقى قدامه فأمر السلطان بحمله إلى داره وبقي أربعة أيام بحاله تلك ومات وكانت وفاته بدمشق في العشر الأخير من شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة ثم أن الملك الصالح توجه إلى الديار المصرية وقوي مرضه ولم يزل به إلى أن توفي رحمه الله وكانت وفاته في يوم الاثنين خامس عشر شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة بعد أن كان عظيم الشأن قوي السلطان ولما أتاه الممات وحل به هاذم اللذات ذهب كأنه لم يكن وكذلك يفعل بأهله الزمان كما قلت (احذر زمانك ما استطعت فإنه * دهر يجور على الكرام وإن عدل) (قد كان نجم الدين أيوب الذي * ملك البرية واستطال على الدول) (في صحة بسعوده حتى عثا * في جسمه داء فأعيته الحيل) (وصفت له الدنيا وظن بأنها * تبقى له أبدا ففاجأه الأجل) (وعلى الحقيقة أنه نجم علا * وكذا النجوم وبعد ذلك قد أفل) الكامل ولرشيد الدين أبي سعيد من الكتب كتاب عيون الطب صنفه للملك الصالح نجم الدين أيوب وهو من أجل كتاب صنف في صناعة الطب ويحتوي على علاجات مخلصة مختارة تعاليق على كتاب الحاوي لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي في الطب أسعد الدين بن أبي الحسن هو الحكيم الأوحد العالم أسعد الدين عبد العزيز بن أبي الحسن علي من أفاضل العلماء وأعيان الفضلاء حاد الذهن كثير الاعتناء بالعلم قد أتقن الصناعة الطبية وحصل العلوم الحكمية وكان أيضا عالما بأمور الشرع مسموع القول وكان قد اشتغل بصناعة الطب على أبي زكريا يحيى البياسي في ديار مصر وخدم الملك المسعود أقسيس بن الملك الكامل وأقام معه باليمن مدة وله منه الاحترام الكثير والإحسان الغزير وكان قرر له منه في كل شهر مائة دينار مصرية ولم يزل في خدمته إلى أن توفي الملك المسعود رحمه الله ثم أطلق له الملك الكامل إقطاعات يستغلها في كل سنة بالديار المصرية ورسم بانتظامة في سلك الخدمة وكان مولد أسعد الدين بالديار المصرية في سنة سبعين وخمسمائة وكان أبوه طبيبا أيضا بديار مصر واشتغل الشيخ أسعد الدين بعلم الأدب والشعر وله شعر جيد وأول اجتماعي به كان بدمشق في مستهل رجب سنة ثلاثين وستمائة فوجدته شيخا حسن الصورة مليح الشيبة تام القامة أسمر اللون حلو الكلام غزير المروءة واجتمعت به أيضا
(٦٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 605 ... » »»