عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٣١٥
والدنانير الكثيرة وحصل لصاعد بن بشر الطبيب مال عظيم وحشمه الخليفة والوزير وقدمه وزكاه وتقدم على جميع من كان في زمانه أقول ووجدت صاعد بن بشر قد ذكر في مقالته في مرض المراقيا ما عاينه في ذلك الزمان من أهوال وجدها ومخاوف شاهدها ما هذا نصه قال وإنه عرض لنا من تضايق الزمان علينا والتشاغل بالتماس الأمر الضروري ولما قد شملنا من الخوف والحذر والفزع واختلاف السلاطين وما قد بلينا به مع ذلك من التنقل في المواضع وضياع كتبنا وسرقتها ولما قد أظلنا من الأمور المذعرة المخوفة التي لا نرجو في كشفها إلا الله تقدس اسمه هذا ما ذكره وما كان في أيامه إلا اختلاف ملوك الإسلام بعضهم مع بعض وكان الناس سالمين في أنفسهم آمنين من القتل والسبي فكيف لو شاهد ما شاهدناه ونظر ما نظرناه في زماننا من التتار الذين أهلكوا العباد وأخربوا البلاد وكونهم إذا أتوا إلى مدينة فما لهم هم إلا قتل جميع من فيها من الرجال وسبي الأولاد والنساء ونهب الأموال وتخريب القلاع والمدن لكان استصغر ما ذكره واستقل ما عاينه وحقره ولكن ما طامة إلا فوقها طامة أعظم منها ولا حادثة إلا وغيرها تكبر عنها ولله الحمد على السلامة والعافية ولصاعد بن بشر من الكتب مقالة في مرض المراقيا ومداواته ألفها لبعض إخوانه ديلم كان من الأطباء المذكورين ببغداد المتقدمين في صناعة الطب وكان يتردد إلى الحسن بن مخلد وزير المعتمد ويخدمه ووجدت في بعض التواريخ أن المعتمد على الله وهو أحمد بن المتوكل أراد أن يفتصد فقال للحسن بن مخلد اكتب لي جميع من في خدمتنا من الأطباء حتى أتقدم بأن تصل كل واحد منهم على قدره فكتب الأسماء وأدخل فيها اسم ديلم المتطبب وكان ديلم يخدم الحسن بن مخلد فوقع تحت الأسماء بالصلات فقال ديلم إني لجالس في منزلي حتى وافى رسول بيت المال ومعه كيس فيه ألف دينار فسلمه إلي وانصرف فلم أدر ما السبب فيه فبادرت بالركوب إلى الحسن بن مخلد وهو حينئذ الوزير فعرفته ذلك فقال لي افتصد أمير المؤمنين وأمرني بأن أكتب أسماء الأطباء ليتقدم بصلاتهم فأدخلت اسمك معهم فخرج لك ألف دينار داؤد بن ديلم كان من الأطباء المتميزين ببغداد المجيدين في المعالجة وخدم المعتضد بالله وخص به فكانت
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»