عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٣١١
الجاثليق عليه وسأله عن علة ما هو عليه في هذا الفعل والاحتجاج فيه بمثل هذا العذر فقال له هذا الملك متى أقام بالعراق سنة فسد عقله ولست أوثر أن يجري ذلك على يدي وأنا مدبره وطبيبه ومتى أنهى الجاثليق هذا القول عني جحدته وحلفت بالله والبراءة من ديني ما قلته وكان عليك في ذلك ما تعلمه فأمسك الجاثليق وكتم هذا الحديث فلما عاد عضد الدولة إلى العراق في الدفعة الثانية كان الأمر على ما أنذر به فيه وتوفي أبو الحسن الحراني في الحادي عشر من ذي القعدة سنة خمس وستين وثلاثمائة للهجرة ببغداد وكان مولده بالرقة ليلة يوم الخميس لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين ومائتين ولأبي الحسن الحراني من الكتب إصلاح مقالات من كناش يوحنا بن سرابيون جوابات مسائل سئل عنها ابن وصيف الصابئ كان طبيبا عالما بعلاج أمراض العين ولم يكن في زمانه أعلم منه في ذلك ولا أكثر مزاولة قال سليمان بن حسان حدثني أحمد بن يونس الحراني قال حضرت بين يدي أحمد بن وصيف الصابئ وقد أحضر سبعة أنفس لقدح أعينهن وفي جملتهم رجل من أهل خراسان أقعده بين يديه ونظر إلى عينيه فرأى ماء متهيأ للقدح فسامه على ذلك فطلب إليه فيه واتفق معه على ثمانين درهما وحلف أنه لا يملك غيرها فلما حلف الرجل اطمأن وضمه إلى نفسه ورفع يده على عضده فوجد بها نطاقا صغيرا فيه دنانير فقال له ابن وصيف ما هذا فتلون الخراساني فقال ابن وصيف حلفت بالله حانثا وأنت ترجو رجوع بصرك إليك والله لا عالجتك إذ خادعت ربك فطلب إليه فيه فأبى أن يقدحه وصرف إليه الثمانين درهما ولم يقدح عينه غالب طبيب المعتضد شهر بخدمة المعتضد بالله وكان أولا عند الموفق طلحة بن المتوكل لأنه خدمه منذ أيام المتوكل واختص به وارتضع سائر أبناء المتوكل من لبن أولاد غالب فكان يسر بهم فلما تمكن الموفق من الأمر أقطعه ونوله وأغناه وكان له مثل الوالد ينادمه ويغلفه بيده وعالج الموفق من سهم كان أصابه في ثندوته وبرأ فأعطاه مالا كثيرا وأقطعه وخلع عليه وقال لغلمانه من أراد إكرامي فليكرمه وليصل غالبا فوجه إليه مسرور بعشرة آلاف دينار ومائة ثوب ووجه إليه سائر الغلمان مثل ذلك وصار إليه مال عظيم ولما قبض على صاعد وعبدون أخذ لعبدون عدة غلمان نصارى مماليك فمن أسلم منهم أجري له رزق وترك ومن لم يسلم منهم بعثه إلى غالب وكان
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»