خاقان بأحد عشر ألف درهم وكان الوسيط في ذلك أبو المسيب فهد بن سليمان فقال لأبي المسيب أحب أن تستشير لي في أمرها أبا الحسن الحراني بعد أن تكلفه مشاهدتها فمضى إليه وسأله الركوب معه إلى دار القوم ليرى الجارية وكانت متشكية وشاهدها أبو الحسن الحراني وأخذ مجسها وتأمل قارورتها ثم قال له سرا إن كانت أكلت البارحة من سماقية أو حصرمية وقثاء أو خيار فاشترها وإلا فلا تعترض لها فسألنا عما أكلته في ليلتها فقيل لنا بعض ما قاله أبو الحسن فابتاعها فعجبنا من ذلك وعجب من سمع وقال المحسن بن إبراهيم كان أولاد أبي جعفر بن القاسم بن عبيد الله يشنعون على أبي الحسن الحراني عمنا بأنه قتل أباهم فسألت أبا إسحاق إبراهيم بن هلال والدي عن ذلك فقال كان أبو جعفر عدوا لأبي الحسن عمي وعازما على قتله لأمور نقمها عليه وقد قبض عليه وحبسه فاتفق أن اعتل أبو جعفر علته التي مات فيها فأشير عليه بمشاورة أبي الحسن وهو في حبسه فقال لا أثق به ولا أسكن إليه مع ما يعلمه من سوء رأيي فيه وعول على غيره من الأطباء فدخل بعض إخوان أبي الحسن إليه وشرح له ما يدبر به أبو جعفر في مرضه فقال أبو الحسن وكان يأتمنه أنت تعرف رأي هذا الرجل في ومتى استمر على هذا التدبير هلك بلا محالة وكفينا كفاية عاجلة فأحب أن تمنعه مشاورتي وتصوبه على رأيه في العدول عني واشتدت العلة بأبي جعفر ومضى لسبيله بعد قبض القاهر بالله عليه بعشرة أيام وقال المحسن أيضا أصابتني حمى حادة كان هجومها علي بغتة فحضر أبو الحسن عمنا وأخذ مجسي ساعة ثم نهض ولم يقل شيئا فقال له والدي ما عندك يا عمي في هذه الحمى فقال له سرا لا تسألني عن ذلك إلى أن يجوزه خمسين يوما فوالله لقد فارقتني في اليوم الثالث والخمسين وحكى أبو علي بن مكنجا النصراني الكاتب قال لما وافى عضد الدولة في سنة أربع وستين وثلاثمائة إلى مدينة السلام استدعاني أبو منصور نصر بن هارون وكان قد ورد معه إذ ذاك وسألني عن أطباء بغداد فاجتمعت مع عبد يشوع الجاثليق وسألته عنهم فقال ههنا جماعة لا يعول عليهم والمنظور إليهم منهم أبو الحسن الحراني وهو رجل عاقل لا مثل له في صناعته وهو قليل التحصيل وأبو الحسن صديقي وأنا أبعثه إلى الخدمة وأوافقه عليها وأشير عليه بالملازمة لها وخاطب الجاثليق أبا الحسن على قصد أبي منصور نصر بن هارون فقصده وتقدم إليه بأن يحضر دار عضد الدولة ويتأمل حاله وما يدبر به أمره فتلقى ذلك بالسمع والطاعة وشرط أن يعرف صورته في مأكله ومشربه وبواطن أمره وطالع أبو منصور عضد الدولة بالصورة وحضر أبو الحسن الدار وعرف جميع ما سأل عنه وتردد أياما ثم انقطع واجتمع مع الجاثليق فعاتبه على انقطاعه وعرفه وقوع الإنكار له فقال له لا فائدة في مضيي ولست أراه صوابا لنفسي وللملك أطباء فضلاء عقلاء علماء وقد عرفوا من طبعه وتدبيره ما يستغني به عن غيرهم في ملازمته وخدمته فألح
(٣١٠)