أبي العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال: وجدت في كتاب بخط الضحاك قال: خرج عقيل بن علفة وجثامة وابنته الجرباء حتى أتوا بنتا له ناكحا في بني مروان بالشامات، ثم إنهم قفلوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال عقيل بن علفة:
قضت وطرا من دير سعد وطالما على عرض ناطحنه بالجماجم إذا هبطت أرضا يموت غرابها بها عطشا أعطينهم بالخزائم ثم قال: أنفذ يا جثامة، فقال جثامة:
فأصبحن بالموماة يحملن فتية نشاوى من الادلاج ميل العمائم إذا علم غادرنه بتنوفة تذارعن بالأيدي لآخر طاسم ثم قال: أنفذي يا جرباء، فقالت:
كأن الكرى سقاهم صرخدية عقارا تمطى في المطا والقوائم فقال عقيل: شربتها ورب الكعبة! لولا الأمان لضربت بالسيف تحت قرطك! أما وجدت من الكلام غير هذا؟ فقال جثامة: وهل أساءت؟ إنما أجادت وليس غيري وغيرك! فرماه عقيل بسهم فأصاب ساقه وأنفذ السهم ساقه والرجل ثم شد على الجرباء فعقر ناقتها ثم حملها على ناقة جثامة وتركه عقيرا مع ناقة الجرباء ثم قال: لولا أن تسبني بنو مرة لما عشت، ثم خرج متوجها إلى أهله وقال: لئن أخبرت أهلك بشأن جثامة أو قلت لهم إنه أصابه غير الطاعون لأقتلنك! فلما قدموا على أهل أبير، وهم بنو القين، ندم عقيل على فعله بجثامة فقال لهم: هل لكم في جزور انكسرت؟ قالوا: نعم، قال: فالزموا أثر هذه الراحلة حتى تجدوا الجزور، فخرج القوم حتى انتهوا إلى جثامة فوجدوه قد أنزفه الدم، فاحتملوه وتقسموا الجزور وأنزلوه عليهم وعالجوه حتى برأ وألحقوه بقومه، فلما كان قريبا منهم تغنى:
أيعذر لا حينا ويلحين في الصبا وما هن والفتيان إلا شقائق فقال له القوم: إنما أفلت من الجراحة التي جرحك أبوك آنفا وقد عاودت ما يكرهه فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته لا يلحقك منه شر وعر، فقال: إنما هي خطرة خطرت والراكب إذا سار تغنى.
دير سعيد: بغربي الموصل قريب من دجلة حسن البناء واسع الفناء وحوله قلالي كثيرة للرهبان، وهو إلى جانب تل يقال له تل بادع يكتسي أيام الربيع طرائف الزهر، وكانت عنده وقعة بين مونس الخادم وبين بني حمدان، وفيها قتل داود بن حمدان سنة 320، وهو منسوب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان، وكان يتقلد إمارة الموصل في أيام أبيه فاعتل وكان له طبيب يقال له سعيد أيضا نصراني، فلما برأ قال له: اختر ما شئت، فقال: أحب أن أبتني ديرا بظاهر الموصل وتهب لي أرضه، فأجابه إلى ذلك فبنى، وقال الخالدي: هذا محال، والصحيح أن ثلاثة من رهبان النصارى اجتازوا بالموصل قبل الاسلام بأكثر من مائة سنة فاستطابوا أرضها فبنى كل واحد منهم ديرا نسب إليه، وهم: سعيد وقنسرين وميخائيل، وهذه الثلاثة معروفة، وكل واحد منها متقارب من الآخر، وقد قال النصارى: ولتراب دير سعيد هذا خاصية في دفع أذى العقارب وإذا