معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٤
الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من الخشب، والجمجمة أيضا: البئر تحفر في سبخة، فيجوز أن يكون الموضع سمي بذلك، قال ابن الكلبي: إنما سمي دير الجماجم لان بني تميم وذبيان لما واقعت بني عامر وانتصرت بنو عامر وكثر القتلى في بني تميم بنوا بجماجمهم هذا الدير شكرا على ظفرهم، وهذا عندي بعيد من الصواب، وهو مقول على ابن الكلبي وليس يصح عنه فإنه كان أهدى إلى الصواب من غيره في هذا الباب، لان وقعة بني عامر وبني تميم وذبيان كانت بشعب جبلة وهو بأرض نجد وليس بالكوفة، ولعل الصواب ما حكاه البلاذري عن ابن الكلبي أن بلادا الرماح، وبعضهم يقول بلال الرماح وهو أثبت، ابن محرز الإيادي قتل قوما من الفرس ونصب رؤوسهم عند الدير فسمي دير الجماجم، وقرأت في كتاب أنساب المواضع لابن الكلبي قال: كان كسرى قد قتل إيادا ونفاهم إلى الشام فأقبل ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربعمائة فارس ليقتلوهم، فقال لهم ذلك الرجل الواشي: انزلوا قريبا حتى أعلم لكم علمهم، فرجع إلى قومه وأخبرهم فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة فقتلوهم عن آخرهم وجعلوا جماجمهم قبة، وبلغ كسرى خبرهم فخرج في أهليهم يبكون، فلما رآهم اغتم لهم وأمر أن يبنى عليهم دير وسمي دير الجماجم، وقال غيره: إنه وقعت بين إياد وبين بني نهد حرب في مكانه فقتل فيها خلق من إياد وقضاعة ودفنوا قتلاهم هناك، فكان الناس إذا حفروا استخرجوا جماجمهم فسمي بذلك، وإياد كانت تنزل الريف معروف ذلك عند أهل هذا الشأن، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف الثقفي و عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القراء، وفي ذلك يقول جرير:
ولم تشهد الجونين والشعب، ذا الصفا، وشدات قيس يوم دير الجماجم تحرض، يا ابن القين، قيسا ليجعلوا لقومك يوما مثل يوم الأراقم دير الجودي: والجودي: هو الجبل الذي استقرت عليه سفينة نوح، عليه السلام، وبين هذا الجبل وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ، وهذا الدير مبني على قلة الجبل، ويقال إنه مبني منذ أيام نوح، عليه السلام، ولم يتجدد بناؤه إلى هذا الوقت، ويقال إن سطحه يشبر فيكون عشرين شبرا ثم يشبر فيكون ثمانية عشر شبرا ثم يشبر فيكون اثنين وعشرين شبرا، وكلما شبر اختلف شبره.
دير حافر: قرية بين حلب وبالس، ذكرها أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني في قوله يمدح علي بن مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر:
ألا كم ترامت بالس بمسافر، وكم حافر أدميت يا دير حافر وبين قباب المنجبين مجبة أبت أن تطأ إلا بأجفان ساهر وعند الفرات من يمين ابن مالك فرات ندى لا تختطي بالمعابر إذا أوجه الفتيان غارت مياهها، فوجه علي ماؤه غير غائر دير حبيب: لا أعرف موضعه إلا أنه جاء في شعر عربي، وهو قول ورد بن الورد الجعدي:
ألا حبذا الاصعاد لو تستطيعه، ولكن أجل لا ما أقام عسيب
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»