كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ٢ - الصفحة ١٣٣١
قصيدة البردة الموسومة بالكواكب الدرية في مدح خير البرية [1] الشهيرة بالبردة الميمية للشيخ شرف الدين أبى عبد الله محمد بن سعيد الدولاصي ثم البوصيري المتوفى سنة 694 أربع وتسعين وستمائة. لما أراد براعة المطلع جرد من نفسه شخصا مزج دمعه بدمه فسأله عن علة ذلك فقال مخاطبا له:
امن تذكر جيران بذى سلم * * مزجت دمعا جرى من مقلة بدم وهى مائة بيت واثنان وستون بيتا منها اثنا عشر في المطلع وستة عشر في ذكر النفس وهواها وثلاثون في مدائح الرسول عليه الصلاة والسلام وتسعة عشر في مولده وعشرة في يمن دعائه (في من دعا به) وسبعة عشر في مدح القرآن وثلاثة عشر في ذكر معراجه واثنان وعشرون في جهاده وأربعة عشر في الاستغفار وتسعة في المناجاة. روى أنه أنشأها حين اصابه فالج فاستشفع بها إلى الله سبحانه وتعالى ولما نام رأى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في منامه فمسح بيده المباركة فعوفي وخرج من بيته أول النهار فلقيه بعض الفقراء فقال له يا سيدي أريد ان تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أي قصيدة تريد فقال التي أولها امن تذكر جيران الخ فأعطاها له وجرى ذكرها في الناس. ولما بلغت الصاحب بهاء الدين وزير الملك الظاهر استنسخها ونذر ان لا يسمعها الا حافيا واقفا مكشوف الرأس وكان يتبرك بها هو وأهل بيته ورأوا من بركاتها أمورا عظيمة في دينهم ودنياهم.
وسبب شهرتها بالبردة انه أصاب سعد الدين الفارقي رمد عظيم أشرف منه على العمى فرأى في منامه قائلا يقول امض إلى الصاحب بهاء الدين وخذ منه البردة واجعلها على عينيك تفق انشاء الله تعالى فنهض من ساعته وجاء إليه وقال له ما رأى في نومه فقال الصاحب ما عندي شئ يقاله البردة وانما عندي مديح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنشأها البوصيري فنحن نستشفي بها

[1] هي مشهورة بين الأنام ويتبرك بها الخواص والعوام حتى قرئت قدام الجنائز والمساجد واستشفى بها الأمراض والأسقام وكتبوا عليها من التخميسات والتسبيعات والنظائر مالا يعد. ذكر السهراني انه رأى خمسة وثلثين تخميسا جمعها بعض العلماء ورأى تسبيعا عجيبا مبدوء من أوله إلى آخره بلفظة الجلالة للشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله المكي فذكره بعد شرح كل بيت. وشرحوها بشروح لا تحصى غير أنهم اقتصروا على المعنى اللغوي واعرضوا عن اللطائف والإشارة لكن الشيخ ابن المرزوق المغربي غير المرزوقي النحوي شرحها شرحا عظيما وبين فيه المعاني التصوفية في غاية الطول والكبر. وكل من صنف شيئا ادعى انه لم يسبق به. (منه)
(١٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1326 1327 1328 1329 1330 1331 1332 1333 1334 1335 1336 ... » »»