وسيأتى في الراء واما علم بأحوال ما يفتقر إليها في الوجود الخارجي والتعقل كالانسان وهو العلم الأدنى ويسمى بالطبيعي وسيأتى في الطاء وجعل بعضهم مالا يفتقر إلى المادة أصلا قسمين مالا يقارنها مطلقا كالآله والعقول وما يقارنها لكن لاعلى وجه الافتقار كالوحدة والكثرة وسائر أمور العامة فيسمى العلم پاحوال الأول علما إلهيا والعلم بأحوال الثاني علما كليا وفلسفة أولي واختلفوا في أن المنطق من الحكمة أم لا فمن فسرها بما يخرج به النفس إلى كمالها الممكن في جانبي العلم والعمل جعله منها بل جعل العمل أيضا منها وكذا من ترك الأعيان في تعريفها جعله من أقسام الحكمة النظرية اذلا يبحث فيه الاعن المعقولات الثانية [1] التي ليس وجودها بقدرتنا واختيارنا واما من فسرها بأحوال الأعيان الموجودة وهو المشهور بينهم فلم يعده منها لان موضوعه ليس من أعيان الموجودات والأمور العامة [2] ليست بموضوعات بل محمولات [3] تثبت للاعيان فتدخل في التعريف.
ومن الناس من جعل الحكمة اسما لاستكمال النفس الانسانية في قوتها النظرية أي خروجها من القوة إلى الفعل في الادراكات التصورية والتصديقية بحسب الطاقة البشرية. ومنهم من جعلها اسما لاستكمال القوة النظرية بالادراكات المذكورة واستكمال القوة العملية باكتساب الملكة التامة على الافعال الفاضلة المتوسطة بين طرفي الافراط والتفريط. وكلام الشيخ في عيون الحكمة يشعر بالقول الأول وهو انه جعل الحكمة اسما للكمالات المعتبرة في القوة النظرية فقط وذلك لأنه فسر الحكمة باستكمال النفس الانسانية بالتصورات والتصديقات سواء كانت في الأشياء النظرية أو في الأشياء العملية فهي مفسرة عنده باكتساب هذه الادراكات واما اكتساب الملكة التامة على الافعال الفاضلة فما جعلها جزأ منها بل جعلها غاية للحكمة العملية. واما حكمة الاشراق فهي من العلوم الفلسفية بمنزله التصوف من العلوم الاسلامية كما أن الحكمة الطبيعية والإلهية منها بمنزلة الكلام منها وبيان ذلك ان السعادة العظمى والمرتبة العليا للنفس الناطقة هي معرفة الصانع بماله من صفات الكمال والتنزه عن النقصان بما صدر عنه من الآثار والافعال في النشأة الأولى والآخرة وبالجملة