سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ١٨٩
وقفت على تفصيل كتابكم وجمله، وعلمنا ما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن في أذن فيل، وبعوضة تعد في التماثيل، ولقد قالها من قبلك قوم، فدمرنا عليهم، وما كان لهم من ناصرين. أللحق تدحضون، وللباطل تنصرون؟! وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ولئن صدر قولك في قطع رأسي، وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالاعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. وإن عدنا إلى الظاهر، وعدلنا عن الباطن فلنا في رسول الله أسوة حسنة: (ما أو ذي نبي ما أو ذيت) (1) وقد علمت ما جرى على عترته وشيعته، فالحال ما حال، والامر ما زال، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيفية رجالنا، وما يتمنونه من الفوت، ويتقربون به من حياض الموت، وفي المثل: أو للبط تهدد بالشط؟، فهيئ للبلايا أسبابا، وتدرع للرزايا جلبابا، فلأظهرن عليك منك، وتكون كالباحث عن حتفه بظلفه، وما ذلك على الله بعزيز، فكن لامرنا بالمرصاد، واقرأ أول النحل (2) وآخر ص (3).
قال النجم ابن إسرائيل: أخبرني المنتجب بن دفتر خوان، قال:
أرسلني صلاح الدين إلى سنان حين قفزوا على صلاح الدين المرة الثالثة، ومعي القطب النيسابوري يهدده، فكتب على طرة كتابه: جاء الغراب إلى البازي يهدده.. وذكر الأبيات، وقال: هذا جوابه، إن صاحبك يحكم على ظاهر جنده، وأنا أحكم على باطن جندي، وستري دليله، فدعا عشرة

(1) روي بأسانيد ضعيفة من حديث أنس وبريدة وجابر، انظر (الجامع الصغير) وشرحه 5 / 430 - 431.
(2) (أتى أمر الله..).
(3) (ولتعلمن نبأه بعد حين).
(١٨٩)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»