سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ١٩٢
سنة ثمانين إلى بلده (1). وكان كثير العبادة والصلاة، دائم الذكر، قليل المأكل، يشتمل مجلسه على التفسير والحديث والفقه وحكايات الصالحين بلا سجع ولا تزويق ولا شعر. وهو ثقة في روايته، وقيل: كان يختم كل يوم مع دوام الصوم، ويفطر على قرص واحد.
وقال ابن الدبيثي (2): أملى عدة مجالس، وكان مقبلا على الخير، كثير الصلاة، له يد باسطة في النظر، واطلاع على العلوم، ومعرفة بالحديث، كان جماعة للفنون رحمه الله، رد إلى بلده، فأقام مشتغلا بالعبادة إلى أن توفي في المحرم سنة تسعين وخمس مئة (3).
وقال الحافظ عبد العظيم (4): حكى غير واحد أنه كان لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله. مات في الثالث والعشرين من المحرم.
وأنبأنا محفوظ (5) ابن البزوري في (تاريخه) (6)، قال: أبو الخير،

(1) نقل ابن النجار عن شيخه الزاهد أبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة المتوفى سنة 607 أن القزويني إنما ترك بغداد بسبب ما أظهره مجد الدين هبة الله علي ابن الصاحب من الرفض فيها، فقال أبو الخير القزويني لابن سكينة: معاذ الله أن أقيم ببلدة يجهر فيها بسبب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) (طبقات السبكي: 6 / 11).
(2) (ذيل تاريخ مدينة السلام)، الورقة 163 164 (باريس 5921).
(3) هذه رواية ابن الدبيثي والمنذري وابن الأثير ومن تابعهم، أما ابن النجار، فقد أرخ وفاته في سنة 589، وتابعه الذين نقلوا عنه، ومنهم ابن الملقن في (العقد المذهب) وغيره، وأشار الذهبي في (تاريخ الاسلام) إلى هذا الاختلاف.
(4) (التكملة): 1 / الترجمة 224.
(5) هو محفوظ بن معتوق بن أبي بكر الصدر أبو بكر ابن البزوري البغدادي السفار، ذكره الذهبي في (معجم شيوخه) وذكر أنه توفي سنة 694 (2 / الورقة: 28)، وترجم له في وفيات السنة من (تاريخ الاسلام) (أيا صوفيا 3014).
(6) تاريخه هذا هو الذيل على (المنتظم) لابن الجوزي، وقد مدحه الذهبي، ونقل عنه كثيرا في تاريخ الاسلام وغيره من كتبه، قال: (وصنف تاريخا كبيرا ذيل به على المنتظم لابن الجوزي رأيت منه ثلاث مجلدات سلمت في خزانته التي في قريته بسفح قاسيون وكان فيها جملة كتب مفيدة) (الورقة: 239 - أيا صوفيا 3014). وقوله: (سلمت) يشير إلى تلف هذا الكتاب النفيس في الوقعة الغازانية سنة 699 (انظر القسم الخاص بالحوادث من (تاريخ الاسلام)، الورقة: 198 من نسخة حلب رقم 1220).
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»