سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ١٨٦
يعلم الصبيان، وأنه مر وهو طالع إلى الحصون على حمار، فأراد أهل إقميناس (1) أخذ حماره، فبعد جهد تركوه، ثم آل أمره إلى أن تملك عدة قلاع. أوصى يوما أتباعه، فقال: عليكم بالصفاء بعضكم لبعض، لا يمنعن أحدكم أخاه شيئا له، فأخذ هذا بنت هذا، وأخذ هذا أخت هذا سفاحا، وسموا نفوسهم الصفاة فاستدعاهم سنان مرة، وقتل خلقا منهم.
قال ابن العديم: تمكن في الحصون، وانقادوا له. وأخبرني علي ابن الهواري أن صلاح الدين سير رسولا إلى سنان يتهدده، فقال للرسول:
سأريك الرجال الذين ألقاه بهم، فأشار إلى جماعة أن يرموا أنفسهم من أهل الحصن من أعلاه، فألقوا نفوسهم، فهلكوا.
قال: وبلغني أنه أحل لهم وطئ أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، وأسقط عنهم صوم رمضان.
قال: وقرأت بخط أبي غالب بن الحصين أن في محرم سنة تسع وثمانين هلك سنان صاحب الدعوة بحصن الكهف، وكان رجلا عظيما خفي الكيد، بعيد الهمة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الاغواء، وخديعة القلوب، وكتمان السر، واستخدام الطغام والغفلة في أغراضه الفاسدة.
وأصله من قرى البصرة، خدم رؤساء الإسماعيلية بألموت، وراض نفسه بعلوم الفلاسفة، وقرأ كثيرا من كتب الجدل والمغالطة ورسائل إخوان الصفاء، والفلسفة الاقناعية المشوقة لا المبرهنة، وبنى بالشام حصونا، وتوثب على حصون، ووعر مسالكها، وسالمته الأنام، وخافته الملوك من أجل هجوم أتباعه بالسكين. دام له الامر نيفا وثلاثين سنة، وقد سير إليه

(1) قرية كبيرة من أعمال حلب في جبل السماق ذكر ياقوت أن أهلها إسماعيلية.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»