سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٠٣
طلبه إلى الشام، فامتنع، وعزم على اللحوق بمملكة قراقوش وبوزبا اللذين تملكا أطراف المغرب، وشرع في السفر، فأتاه الفقيه المقدم عيسى الهكاري، فثنى عزمه، وأخرجه إلى الشام، فصفح عنه عمه، ولاطفه (1)، وأعطاه حماة، ثم المعرة، وسلمية وكفر طاب، وميافارقين، وحران، والرها، وسار إلى ميافارقين ليتسلمها في سبع مئة فارس.
وكان ملكا عالي الهمة، فقصد حاني، فحاصرها، وأخذها، فغضب صاحب خلاط بكتمر، وسار لحربه في أربعة آلاف، فالتقوا، فانهزم بكتمر، وساق المظفر، فنازل خلاط، فلم ينل شيئا، لقلة جنده، فترحل، فأتى مناز كرد، فحاصرها مدة، فأتاه أجله عليها في رمضان سنة سبع وثمانين وخمس مئة شابا، ونقل، فدفن بحماة، وكان من أعيان ملوك زمانه (2).
وتملك حماة بعدها ابنه الملك المنصور محمد، وكان له صيت كبير في الشجاعة.
ومات معه في اليوم الأمير حسام الدين محمد (3) بن لاجين ابن أخت السلطان، ودفن بالشامية مدرسة أمه (4).

(1) تلقاه عمه السلطان الهمام صلاح الدين عند مرج الصفر في شعبان سنة 582 وطيب خاطره.
(2) وقد وصل كتاب نعيه إلى السلطان الناصر الصابر صلاح الدين في اليوم الحادي عشر من شوال سنة 587 وهو يواجه العدو الصليبي - خذله الله - وكان في محنة شديدة عند حصار عكا واستيلاء الفرنج الصليبين عليها وتخريب عسقلان في رمضان من السنة، فتألم السلطان لموته.
(3) ذكرته معظم الكتب التي ذكرناها في ترجمة تقي الدين عمر، وكان بطلا شجاعا ومن أعوان خاله السلطان المجاهد صلاح الدين الكبار، ففجع به.
(4) أمه كما هو معروف هي ست الشام بنت أيوب، وقد أنشأت الشاميتين: البرانية والجوانية، وقد دفن حسام الدين بالشامية البرانية بمحلة العونية (راجع البداية لابن كثير:
12 / 347).
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»