سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٠٦
وكان أصحابه يأكلون بسببه الدنيا، ولا يسمع فيهم، وهم عنده معصومون.
وكان متى رأى ذميا راكبا، قصد قتله، فظفر بواحد طبيب يعرف بابن شوعة، فأندر عينه بعصاه، فذهبت هدرا.
وقيل: التمس من السلطان إسقاط ضرائب لا يمكن إسقاطها، وساء خلقه، فقال: قم لا نصرك الله! ووكزه بعصاه، فوقعت قلنسوته، فوجم لذلك، ثم حضر وقعة، فكسر، فظن أنه بدعائه (1)، فجاء وقبل يديه، وسأله العفو.
وجاءه حاجب نائب مصر المظفر تقي الدين عمر، وقال له: تقي الدين يسلم عليك. [فقال الخبوشاني] (2) قل: بل شقي الدين لا سلم الله عليه، قال: إنه يعتذر، ويقول: ليس له موضع لبيع المزر (3). قال:
يكذب. قال: إن كان ثم مكان، فأرناه. قال: ادن. فدنا، فأمسك

(١) قال التاج السبكي: (وانظر إلى كلام الذهبي هنا في تاريخه وقوله: ظن السلطان أن ذلك بدعوته. ولو كانت هذه الحكاية لمن هو على معتقده من المبتدعة لهول أمرها) (الطبقات: ٧ / ١٦) وهو جزء من تحامل التاج السبكي على شيخه الذهبي في غير موضع من كتابه، وما كان ينبغي له أن يفرط مثل هذا الافراط بحيث قال في الخبوشاني هذا: (والذي نقوله: إنه لا ينبغي أن يسمع كلامه في حنفي ولا شافعي، ولا تؤخذ تراجمهم من كتبه، فإنه يتعصب عليهم كثيرا). والعجب أن السبكي شحن كتابه بالنقل من كتب الذهبي، ومنها هذه الترجمة فتأمل قوله وتطبيقه - سامحه الله -.
(٢) إضافة من عندنا يقتضيها السياق ولتوضيح المعنى.
(٣) المزر: بكسر الميم، نبيذ يتخذ من الذرة، وقيل: من الشعير أو الحنطة كما في النهاية لابن الأثير: 4 / 324 وكأنه يشبه (البيرة) في أيامنا. وكان لتقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين مواضع يباع فيها المزر على ما قيل، فكتب الشيخ الخبوشاني ورقة إلى صلاح الدين يذكر له هذا، فسيرها صلاح الدين إلى ابن أخيه وطلب منه ارضاء الشيخ، فركب إليه، وطلب منه حاجبه أن يقف بباب مدرسة الخبوشاني ريثما يهيئ له الأمور فتحادث مع الشيخ بهذا الحديث المذكور (انظر (تاريخ الاسلام) (وطبقات) السبكي وغيرهما).
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»