سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥١١
ومعه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الحنفية وأئمة الشافعية للشكوى من الأنصاري، ومطالبته، بالمناظرة، فاستدعاه الوزير، فلما حضر، قال: إن هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإن يكن الحق معك، رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم، رجعت أو تسكت عنهم. فوثب الأنصاري، وقال:
أناظر على ما في كمي. قال: وما في كمك؟ قال: كتاب الله. - وأشار إلى كمه اليمين - وسنة رسول الله - وأشار إلى كمه اليسار - وكان فيه " الصحيحان ". فنظر الوزير إليهم مستفهماتهم (1)، فلم يكن فهم من ناظره من هذا الطريق (2).
وسمعت خادمه أحمد بن أميرجه يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على الوزير نظام الملك، وكان أصحابنا كلفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة ورجوعه إلى وطنه من بلخ - يعني أنه كان قد غرب - قال: فلما دخل عليه، أكرمه وبجله، وكان هناك أئمة من الفريقين، فاتفقوا على أن يسألوه بين يدي الوزير، فقال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الامام أن أسأل؟ قال: سل.
قال: لم تلعن أبا الحسن الأشعري؟ فسكت الشيخ، وأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعة، قال الوزير: أجبه. فقال: لا أعرف أبا الحسن، وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء، وأن القرآن في المصحف، ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم ليس بنبي. ثم قام وانصرف (3)، فلم يمكن أحدا أن يتكلم من هيبته، فقال الوزير للسائل: هذا أردتم! أن نسمع ما كان يذكره بهراة بآذاننا، وما

(1) في تذكرة الحفاظ: مستفهما لهم.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187.
(3) في حاشية الأصل ما نصه: الذي يصف الله سبحانه وتعالى بصفات المحدثين من التحيز ونحوه أحق باللعن من الأشعري، والله يعفو عن الجميع.
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»