سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥١٢
عسى أن أفعل به؟ ثم بعث إليه بصلة وخلع، فلم يقبلها، وسافر من فوره إلى هراة (1).
قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته، اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل، وسلموا عليه، وقالوا، ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج، ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا معهم صنما من نحاس صغيرا، وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ، وخرجوا، وقام الشيخ إلى خلوته، ودخلوا على السلطان، واستغاثوا من الأنصاري، وأنه مجسم، وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله تعالى على صورته، وإن بعث السلطان الآن يجده. فعظم ذلك على السلطان، وبعث غلاما وجماعة، فدخلوا، وقصدوا المحراب، فأخذوا الصنم، فألقى الغلام الصنم، فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء، وقد اشتد غضب السلطان، فقال له السلطان: ما هذا؟ قال: صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة. قال: لست عن ذا أسألك. قال: فعم يسألني السلطان؟
قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته.
فقال شيخ الاسلام بصولة وصوت جهوري: سبحانك! هذا بهتان عظيم.
فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به، فأخرج إلى داره مكرما، وقال لهم: اصدقوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا. فأمر بهم، ووكل بهم، وصادرهم، وأخذ منهم وأهانهم (2).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 - 1188.
(2) " تذكره الحفاظ " 3 / 1188 - 1189.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»