سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥٠٦
الترمذي، نبهت عليهما في نسختي، وهي على الخطأ في غير نسخة (1).
قال المؤتمن: كان يدخل على الامراء والجبابرة، فما يبالي، ويرى الغريب من المحدثين، فيبالغ في إكرامه، قال لي مرة: هذا الشأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشأن - يعنى طلب الحديث - وسمعته يقول: تركت الحيري (2) لله. قال: وإنما تركه، لأنه سمع منه شيئا يخالف السنة (3).
قلت: كان يدري الكلام على رأي الأشعري، وكان شيخ الاسلام أثريا قحا، ينال من المتكلمة، فلهذا أعرض عن الحيري، والحيري: فثقة عالم، أكثر عنه البيهقي والناس.
قال الحسين بن علي الكتبي: خرج شيخ الاسلام لجماعة الفوائد بخطه إلى أن ذهب بصره، فكان يأمر فيما يخرجه لمن يكتب، ويصحح هو، وقد تواضع بأن خرج لي فوائد، ولم يبق أحد ممن خرج له سواي (4).
قال محمد بن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول: إذا ذكرت التفسير، فإنما أذكره من مئة وسبعة تفاسير. وسمعته ينشد على منبره:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت * فوصيتي للناس أن يتحنبلوا (5)

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1185، 1186.
(2) يعني أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وقد ذكره المؤلف في عداد من سمع منهم، وقال: لكنه لم يرو عنه.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
(4) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186، وفيه: ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. وهو خطأ واضح.
(5) البيت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186. وأبو عبد الله البوشنجي قال في الشافعي كما ورد في ترجمته في الجزء العاشر ص 73:
وإني حياتي شافعي وإن أمت * فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا وأما القاضي عياض، فيقول في الامام مالك بن أنس كما في ترجمته، في الجزء الثامن رقم (10):
ومالك المرتضى لا شك أفضلهم * إمام دار الهدى والوحي والسنن وأما أبو حنيفة فقد قال بعضهم في مذهبه:
فلعنة ربنا أعداد رمل * على من رد قول أبي حنيفة فانظر ما يقوله كل تابع لامام من الأئمة في حق إمامه!! والحق الذي يجب أن يكون عليه المسلم أن يوالي الجميع، ويشيد بفضلهم، ولا يعتقد العصمة فيهم، ولا يتخذ من تقليده لواحد منهم وسيلة للتعصب، أو الافراط في الحب الذي ينحرف به عن الصواب.
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»