قال الحافظ أبو النضر الفامي: كان شيخ الاسلام أبو إسماعيل بكر الزمان، وواسطة عقد المعاني، وصورة الاقبال في فنون الفضائل وأنواع المحاسن، منها نصرة الدين والسنة، من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت، وسعوا في روحه مرارا، وعمدوا إلى إهلاكه أطوارا، فوقاه الله شرهم، وجعل قصدهم أقوى سبب لارتفاع شأنه (1).
قلت: قد انتفع به خلق، وجهل آخرون، فإن طائفة من صوفة الفلسفة والاتحاد يخضعون لكلامه في " منازل السائرين "، وينتحلونه، ويزعمون أنه موافقهم. كلا، بل هو رجل أثري، لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله جدا (2)، وفي " منازله " (3) إشارات إلى المحو والفناء، وإنما مراده بذلك الفناء هو الغيبة عن شهود السوى، ولم يرد محو السوى في الخارج، ويا ليته لا صنف ذلك، فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين! ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلوا له وتوكلوا عليه، وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقد جمع هذا سيرة للإمام أحمد في مجلد، سمعناها من أبي حفص ابن القواس بإجازته من الكندي، أخبرنا الكروخي، أخبرنا المؤلف.
قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة