سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥٠٠
قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطالب، فيكتب منه قدر جلوسه، وكان له بأكثر كتبه نسخ عدة، ولم أر أحدا أشد أخذا منه، ولا أكثر كتبا، وكان مذهبه في الإجازة أن يقدمها على الاخبار يقول، أجاز لنا فلان. ولا يقول: أخبرنا فلان إجازة.
يقول: ربما تسقط لفظة إجازة، فتبقى إخبارا، فإذا بدئ بها، لم يقع شك (1).
قلت: لا حرج في هذا، وإنما هو استحسان.
قال: وسمعته يقول: خرج الحافظ أبو نصر السجزي علي أكثر من مئة، لم يبق منهم غيري (2).
قال ابن طاهر: خرج له أبو نصر عشرين جزءا في وقت الطلب، وكتبها في كاغد عتيق، فسألنا الحبال، فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل إلى الوزير - يعني ابن حنزابة - من سمرقند، وقع إلي من كتبه قطعة، فكنت إذا رأيت ورقة بيضاء قطعتها، إلى أن اجتمع لي هذا القدر (3).
قال ابن طاهر: لما قصدت أبا إسحاق الحبال - وكانوا وصفوه لي بحليته وسيرته، وأنه يخدم نفسه - فكنت في بعض الأسواق ولا أهتدي إلى أين أذهب، فرأيت شيخا على الصفة واقفا على دكان عطار، وكمه ملاى من الحوائج، فوقع في نفسي أنه هو، فلما ذهب، سألت العطار: من هذا؟
قال: وما تعرفه؟! هذا أبو إسحاق الحبال. فتبعته، وبلغته رسالة سعد بن علي الزنجاني، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزءا صغيرا فيه الحديثان

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193 - 1194.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»