سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥٢٢
هذا قول السمعاني، ولقد بالغ، فهذا في رتبة ملك، ومثل هذا يصلح للخلافة.
ثم قال أبو سعد: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشريف. وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانا عظيما، فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في البستان، فقال الشريف للحاجب: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال:
لكني لا أحضر، ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد، ولا أعصي الله تعالى.
قال: فغضب الخاقان، وأراد أن يقبض عليه، فاختفى عند وكيل له نحوا من شهر، فنودي عليه في البلد، فلم يظفروا به، ثم أظهروا ندما على ما فعلوا ليطمئن، وألح عليه أهله في الظهور، فجلس على ما كان مدة، ثم إن الملك نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل عنده، أخذه وسجنه، ثم استأصل أمواله وضياعه، فصبر، وحمد الله، وقال، من يكون من أهل البيت لا بد أن يبتلى، وأنا ربيت في النعمة، وكنت أخاف أن (1) يكون وقع في نسبي خلل، فلما جرى هذا، فرحت، وعلمت أن نسبي متصل (2).
قال لي أبو المعالي الخطيب: فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات جوعا، وهو من ذرية زين العابدين علي بن الحسين (3).
قال أبو سعد: قال أبو العباس الجوهري: رأيت السيد المرتضى بعد موته وهو في الجنة وبين يديه طعام، وقيل له، ألا تأكل؟ قال: لا، حتى

(١) في الأصل: لا يكون، وفي التذكرة، أخاف يكون.
(٢) انظر " المنتظم " ٩ / ٤١، و " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢١١.
(٣) " المنتظم " ٩ / ٤١، و " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢١١، و " الوافي " ١ / ١٤٣، و " البداية والنهاية " 12 / 134.
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»