سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٧
على صدره، فينتصب كأنه خشبة منصوبة. قال: وكان من أحسن الناس خلقا، كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء.
قال أحمد بن إسحاق الصبغي: سمعت محمد بن عبد الوهاب الثقفي يقول: كان إسماعيل بن أحمد والي خراسان يصل محمد بن نصر في العام بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاق بمثلها، ويصله أهل سمرقند بمثلها، فكان ينفقها من السنة إلى السنة، من غير أن يكون له عيال، فقيل له: لو ادخرت لنائبة؟ فقال: سبحان الله! أنا بقيت بمصر كذا كذا سنة، قوتي، وثيابي، وكاغذي (1)، وحبري وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة عشرون (2) درهما، فترى إن ذهب ذا لا يبقى ذاك!.
قال الحافظ السليماني: محمد بن نصر إمام الأئمة الموفق من السماء، سكن سمرقند، سمع يحيى بن يحيى، وعبدان، وعبد الله المسندي، وإسحاق، وله كتاب: " تعظيم قدر الصلاة، وكتاب: " رفع اليدين "، وغيرهما من الكتب المعجزة. كذا قال السليماني، ولا معجز إلا القرآن. ثم قال: مات هو وصالح جزرة في سنة أربع وتسعين.
أنبأني أبو الغنائم القيسي وجماعة سمعوا أبا اليمن الكندي: أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا الجوهري، أخبرنا ابن حيوية، حدثنا عثمان بن جعفر اللبان، حدثني محمد بن نصر قال: خرجت من مصر ومعي جارية، فركبت البحر أريد مكة، فغرقت، فذهب مني ألفا

(1) بفتح الغين المعجمة: هو القرطاس. فارسي معرب.
(2) في الأصل " عشرين " وهو خطأ.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»