أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالا للعلم، فلما خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خراسان تقوم لرجل من الرعية؟ هذا ذهاب السياسة. قال: فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضدي، فقال لي: ثبت ملكك وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر. ثم التفت إلى إسحاق، فقال: ذهب ملك إسحاق، وملك بنيه باستخفافه بمحمد بن نصر.
قلت: كان محمد بن نصر زوج أخت يحيى بن أكثم القاضي، واسمها: خنة، بمعجمة ثم نون (1)، مات بعد أيام قلائل من موت صالح بن محمد جزرة، وذلك في المحرم، سنة أربع وتسعين ومئتين.
قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة في مسألة الايمان: صرح محمد بن نصر في كتاب " الايمان " بأن الايمان مخلوق، وأن الاقرار، والشهادة، وقراءة القرآن بلفظه مخلوق. ثم قال: وهجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق.
قلت: الخوض في ذلك لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن يقال:
الايمان، والاقرار، والقراءة، والتلفظ بالقرآن غير مخلوق، فإن الله خلق العباد وأعمالهم، والايمان: فقول وعمل، والقراءة والتلفظ: من كسب القارئ، والمقروء الملفوظ: هو كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق، وكذلك كلمة الايمان، وهي قول (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، داخلة في القرآن، وما كان من القرآن فليس بمخلوق، والتكلم بها