سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤٠
كتاب " الاخلاص " للحسن البصري. قال: كذبت يا حلال الدم! قد سمعنا كتاب " الاخلاص " وما فيه هذا. فلما قال [أبو عمر]: كذبت يا حلال الدم، قال له حامد: اكتب بهذا. فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلاج، فألح عليه حامد، وقدم له الدواة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس، فقال الحلاج: ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علي، واعتقادي الاسلام، ومذهبي السنة، فالله الله في دمي.
ولم يزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم، ثم نهضوا، ورد الحلاج إلى الحبس، وكتب إلى المقتدر بخبر المجلس، فأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، وندم وتخوف، فكتب رقعة إلى المقتدر في ذلك ويقول: إن ما جرى في المجلس قد شاع، ومتى لم تتبعه قتل هذا افتتن به الناس، ولم يختلف عليه اثنان. فعاد الجواب من الغد من جهة مفلح:
إذا كان القضاة قد أباحوا دمه فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة، ويتقدم بتسليمه وضربه ألف سوط، فإن هلك وإلا ضربت عنقه.
فسر حامد، وأحضر صاحب الشرطة، وأقرأه ذلك، وتقدم إليه بتسليم الحلاج، فامتنع، وذكر أنه يتخوف أن ينتزع منه، فبعث معه غلمانه حتى يصيروه إلى مجلسه، ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة، ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال موكفة مع سياس، فيحمل على واحد منها، ويدخل في غمار القوم. وقال حامد له: إن [قال لك:] أجري لك الفرات ذهبا، فلا ترفع عنه الضرب.
فلما كان بعد العشاء، أتى محمد بن عبد الصمد إلى حامد، ومعه الرجال والبغال، فتقدم إلى غلمانه بالركوب معه إلى داره، وأخرج له الحلاج، فحكى الغلام: أنه لما فتح الباب عنه وأمره بالخروج، قال: من عند
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»