سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٥١
[الشورى: 18] فهذا آخر كلامه، ثم ضربت رقبته، ولف في بارية، وصب عليه النفط، وأحرق، وحمل رماده إلى رأس المنارة لتسفيه الرياح.
فسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاث: قال: رأيت كأني واقف بين يدي رب العزة، فقلت: يا رب ما فعل الحسين بن منصور؟
فقال: كاشفته بمعنى، فدعا الخلق إلى نفسه، فأنزلت به ما رأيت.
قال ابن باكويه: سمعت ابن خفيف يسأل: ما تعتقد في الحلاج؟
قال: أعتقد أنه رجل من المسلمين فقط. فقيل له: قد كفره المشايخ وأكثر المسلمين. فقال: إن كان الذي رأيته منه في الحبس لم يكن توحيدا، فليس في الدنيا توحيد.
قلت: هذا غلط من ابن خفيف، فإن الحلاج عند قتله ما زال يوحد الله ويصيح: الله الله في دمي، فأنا على الاسلام. وتبرأ مما سوى الاسلام. والزنديق فيوحد الله علانية، ولكن الزندقة في سره. والمنافقون فقد كانوا يوحدون ويصومون ويصلون علانية، والنفاق في قلوبهم، والحلاج فما كان حمارا حتى يظهر الزندقة بإزاء ابن خفيف وأمثاله، بل كان يبوح بذلك لمن استوثق من رباطه، ويمكن أن يكون تزندق في وقت، ومرق وادعى الإلهية، وعمل السحر والمخاريق الباطلة مدة، ثم لما نزل به البلاء ورأى الموت الأحمر أسلم ورجع إلى الحق، والله أعلم بسره، ولكن مقالته نبرأ إلى الله منها، فإنها محض الكفر، نسأل الله العفو والعافية، فإنه يعتقد حلول البارئ عز وجل في بعض الأشراف، تعالى الله عن ذلك.
كان مقتل الحلاج في ستة تسع وثلاث مئة لست بقين من ذي القعدة.
قرأت بخط العلامة تاج الدين الفزاري قال: رأيت في سنة سبع وستين وست مئة كتابا فيه قصة الحلاج، منه: عن إبراهيم الحلواني قال: دخلت
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»