سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٩
به. فعرض على ابن عطاء فقال: هذا اعتقاد صحيح، ومن لم يعتقد هذا فهو بلا اعتقاد. فأحضر [إلى] الوزير، فجاء، وتصدر في المجلس، فغاظ الوزير ذلك، ثم أخرج ذلك الخط فقال: أتصوب هذا؟ قال: نعم، مالك ولهذا؟ عليك بما نصبت له من المصادرة والظلم، مالك وللكلام في هؤلاء السادة؟ فقال الوزير: فكيه. فضرب فكاه، فقال أبو العباس: اللهم إنك سلطت هذا علي عقوبة لدخولي عليه. فقال الوزير: خفه يا غلام. فنزع خفه. فقال: دماغه. فما زال يضرب دماغه حتى سال الدم من منخريه. ثم قال: الحبس. فقيل: أيها الوزير؟ يتشوش العامة. فحمل إلى منزله.
وروى أبو إسحاق البرمكي، عن أبيه، عن جده قال: حضرت بين يدي أبي الحسن بن بشار، وعنده أبو العباس الأصبهاني، فذاكره بقصة الحلاج، وأنه لما قتل كتب ابن عطاء إلى ابن الحلاج كتابا يعزيه عن أبيه، وقال: رحم الله أباك، ونسخ روحه في أطيب الأجساد. فدل هذا على أنه يقول بالتناسخ، فوقع الكتاب في يد حامد، فأحضر أبا العباس بن عطاء وقال: هذا خطك؟
قال: نعم. قال: فإقرارك أعظم. قال: فشيخ يكذب؟! فأمر به، فصفع، فقال أبو الحسن بن بشار: إني لأرجو أن يدخل الله حامد بن العباس الجنة بذلك الصفع.
قال السلمي (1): أكثر المشايخ ردوا الحلاج ونفوه، وأبوا أن يكون له قدم في التصوف، وقبله ابن عطاء، وابن خفيف، والنصر آباذي.
قلت: قد مر أن ابن خفيف عرض عليه شئ من كلام الحلاج، فتبرأ منه.

(1) في " الطبقات " 307 308.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»