سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٦
عنقه، وأحرق بدنه، ونصب رأسه للناس، وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه.
قال أبو علي التنوخي (1): أخبرني أبو الحسين بن عياش [القاضي] عمن أخبره: أنه كان بحضرة حامد بن العباس لما قبض على الحلاج، وقد جئ بكتب وجدت في داره من دعاته في الأطراف يقولون فيها: وقد بذرنا لك في كل أرض ما يزكو فيها، وأجاب قوم إلى [أنك] الباب يعني الامام - وآخرون يعنون أنك صاحب الزمان [يعنون الامام الذي تنتظره الامامية]، وقوم إلى أنك صاحب الناموس الأكبر يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، وقوم يعنون أنك هو هو يعني الله عز وجل. [قال:] فسئل الحلاج عن تفسير هذه الكتب، فأخذ يدفعه ويقول: هذه الكتب لا أعرفها، هذه مدسوسة علي، ولا أعلم ما فيها، ولا معنى هذا الكلام. وجاؤوا بدفاتر للحلاج فيها أن الانسان إذا أراد الحج فإنه يكفيه أن يعمد إلى بيت. وذكر القصة.
قال أبو علي بن البناء الحنبلي: كان عندنا بسوق السلاح رجل يقول:
القرآن حجاب، والرسول حجاب، وليس إلا عبد ورب، فافتتن به جماعة وتركوا العبادات، ثم اختفى مخافة القتل.
وقال الخطيب " في تاريخه " (2): ثم انتهى إلى حامد أن الحلاج قد موه على الحشم والحجاب بالدار بأنه يحيي الموتى، وأن الجن يخدمونه، وأظهر أنه قد أحيى عدة من الطير. وقيل: إن القنائي الكاتب يعبد الحلاج ويدعو إليه، فكبس بيته، وأحضروا من داره دفاتر ورقاع بخط الحلاج، فنهض حامد، فدفعه المقتدر إلى حامد، فاحتفظ به، وكان يخرجه كل يوم

(1) في " نشوار المحاضرة " 1 / 162، وما بين حاصرتين منه.
(2) 8 / 132.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»