سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤٥
البدعة والتجهم والرفض إلا وله أناس ينتصرون له، ويذبون عنه، ويدينون بقوله بهوى وجهل، وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين (1) من الهوى والجهل، المتصفين (2) بالورع والعلم، فتدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للاسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقا هاديا مهديا (3)، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، وأرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا.
السلمي: سمعت محمد بن أحمد بن الحسن الوراق: سمعت إبراهيم بن عبد الله القلانسي الرازي يقول: لما صلب الحلاج يعني في النوبة الأولى - وقفت عليه، فقال: إلهي! أصبحت في دار الرغائب أنظر إلى العجائب، إلهي! إنك تتودد إلى من يؤذيك، فكيف لا تتودد إلى من يؤذى فيك.
السلمي: سمعت أبا العباس الرازي يقول: كان أخي خادما للحلاج، فلما كانت الليلة التي يقتل فيها من الغد قلت: أوصني يا سيدي.
فقال: عليك نفسك، وإن لم تشغلها شغلتك. فما أخرج كان يتبختر في قيده ويقول:

(1) في الأصل: " الخالون ".
(2) في الأصل: " المتصفون ".
(3) في الأصل: " محق هاد مهدي ".
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»