سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣٩
النواحي، يوصيهم بما يدعون [الناس] إليه، و [ما] يأمرهم [به] من نقلهم من حال إلى حال، ورتبة إلى رتبة، وأن يخاطبوا كل قوم على حسب عقولهم وقدر استجابتهم وانقيادهم، وأجاب بألفاظ مرموزة، لا يعرفها غير من كتبها وكتبت إليه، وفي بعضها صورة فيها اسم الله على تعويج، وفي [داخل ذلك] التعويج مكتوب: علي عليه السلام (1). إلى أن قال:
وحضرت مجلس حامد وقد أحضر سفط من دار القنائي، فإذا فيه قدر جافة، وقوارير فيها شئ كالزئبق، وكسر جافة، فعجب الوزير من تلك القدر، وجعلها في سفط مختوم، فسئل السمري، فدافع، فألحوا عليه، فذكر أنها رجيع الحلاج، وأنه يشفي، وأن الذي في القوارير بوله. فقال السمري لي: فكل من هذه الكسر، ثم انظر كيف يكون قلبك للحلاج. ثم أحضر حامد الحلاج وقال: أيش في هذا السفط؟ قال: ما أدري (2). وجاء غلام حامد الذي كان يخدم الحلاج، فأخبر أنه دخل بطبق. قال: فوجده ملء البيت من سقفه إلى أرضه، فهاله ما رأى، ورمى بالطبق من يده وحم.
قال ابن زنجي: وحملت دفاتر من دور أصحاب الحلاج، فأمرني حامد أن أقرأها والقاضي أبو عمر حاضر، والقاضي أبو الحسين بن الأشناني، فمن ذلك: أن الانسان إذا أراد الحج أفرد في داره بيتا وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيما، وكساهم قميصا قميصا، وعمل لهم طعاما طيبا، فأطعمهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكل واحد سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك، قام له ذلك مقام الحج. فلما قرأ ذلك الفصل التفت القاضي أبو عمر إلى الحلاج، وقال له: من أين لك هذا؟ قال: من

(1) " نشوار المحاضرة " 6 / 82 83، و " تاريخ بغداد " 8 / 135 136.
(2) " نشوار المحاضرة " 6 / 84 85، و " تاريخ بغداد " 8 / 136 137.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»