سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٣١
يقول: لما أرادوا قتل الحلاج، أحضر لذلك الفقهاء، فسألوه: ما البرهان؟
قال: شواهد يلبسها الحق لأهل الاخلاص، يجذب في النفوس إليها جاذب القبول. فقالوا بأجمعهم: هذا كلام أهل الزندقة.
فنقول: بل من وزن نفسه، وزمها (1) بالكتاب والسنة، فهو صاحب برهان وحجة، فما أخيب سهم من فاته ذلك!
قال ابن الجوزي فيما أنبأوني عنه: إن شيخه أبا بكر الأنصاري أنبأه قال: شهدت أنا وجماعة على أبي الوفاء بن عقيل قال: كنت قد اعتقدت في الحلاج ونصرته في جزء، وأنا تائب إلى الله منه، وقد قتل بإجماع فقهاء عصره، فأصابوا وأخطأ هو وحده.
السلمي: سمعت منصور بن عبد الله: سمعت الشبلي يقول: كنت أنا والحلاج شيئا واحدا، إلا أنه أظهر وكتمت. وسمعت منصورا يقول: وقت الشبلي عليه وهو مصلوب، فنظر إليه وقال: ألم ننهك عن العالمين؟!
أبو القاسم التنوخي: أخبرنا أبي: حدثني حسين بن عباس عمن حضر مجلس حامد وجاؤوه بدفاتر الحلاج، فيها: إن الانسان إذا أراد الحج فإنه يستغني عنه بأن يعمد إلى بيت في داره، فيعمل فيه محرابا، ويغتسل ويحرم، ويقول كذا وكذا، ويصلي كذا وكذا، ويطوف بذلك البيت، فإذا فرغ فقد سقط عنه الحج إلى الكعبة. فأقر به الحلاج وقال: هذا شئ رويته كما سمعته. فتعلق بذلك عليه الوزير، واستفتى القاضيين: أبا جعفر أحمد بن البهلول، وأبا عمر محمد بن يوسف، فقال أبو عمر: هذه زندقة يجب بها القتل. وقال أبو جعفر: لا يجب بهذا قتل إلا أن يقر أنه يعتقده، لان الناس قد

(1) أي قيدها وجعل لها زماما.
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»