سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٢٤
ثم قلعت من التأزير، ودخلت إلى دار كبيرة فيها بستان عظيم، فيه صنوف الأشجار، والثمار، والريحان، التي هو وقتها، وما ليس وقتها [مما] قد غطي وعتق واحتيل في بقائه، وإذا الخزائن مفتحة، فيها أنواع الأطعمة وغير ذلك، وإذا بركة كبيرة، فخضتها، فإذا رجلي قد صارت بالوحل كرجليه، فقلت: الآن إن خرجت ومعي سمكة قتلني، فصدت سمكة، فلما صرت إلى باب البيت أقبلت أقول: آمنت وصدقت، ما ثم حيلة، وليس إلا التصديق بك. قال: فخرج. وخرجت وعدوت، فرأى السمكة معي، فعدا خلفي، فلحقني، فضربت بالسمكة في وجهه وقلت له: أتعبتني حتى مضيت إلى البحر فاستخرجت هذه، فاشتغل بما لحقه من السمكة، فلما صرت في الطريق رميت بنفسي [لما لحقني من الجزع والفزع] فجاء إلي، وضاحكني وقال: ادخل. فقلت: هيهات. فقال: اسمع، والله لئن شئت قتلتك على فراشك، ولكن إن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنك. فما حكيتها حتى قتل.
قلت: هذا المنجم مجهول، أنا أستبعد صدقه.
ابن باكويه: سمعت علي بن الحسين الفارسي بالموصل، سمعت أبا بكر بن سعدان يقول: قال لي الحلاج: تؤمن بي حتى أبعث إليك بعصفور أطرح من ذرقها وزن حبة على كذا منا (1) نحاسا فيصير ذهبا؟. فقلت له: بل أنت تؤمن بي حتى أبعث إليك بفيل يستلقي فتصير قوائمه في السماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في إحدى عينيك. قال: فبهت وسكت.
ويروى أن رجلا قال للحلاج: أريد تفاحة، ولم يكن وقته، فأومأ بيده

(1) في " اللسان ": المن: لغة في المنا الذي يوزن به. ونقل عن الجوهري قوله: المن:
المنا، وهو رطلان، والجمع أمنان، وجمع المنا: أمناء.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»